مَوَاسِمُ
الرَّبِّ.. يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالأَزْمِنَةَ...
وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ
قَائِلاً: «هذَا الشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ. هُوَ لَكُمْ أَوَّلُ
شُهُورِ السَّنَةِ. كَلِّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: فِي الْعَاشِرِ
مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ،
شَاةً لِلْبَيْتِ... وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَارًا فَتُعَيِّدُونَهُ
عِيدًا لِلرَّبِّ. فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً... (خر١٢:١- ۳، ١٤)...
هنا أمر عجيب جدًا... لكنه في نفس الوقت ذات معنًا
عظيم!! الله يغير، ليس فقط الأوقات والأزمنة، لكنه أيضًا يغير هوية الأوقات
والأزمنة!! في وقت الخروج، أمر الله موسى والشعب أن يغيروا ترتيب شهور السنة المعتاد!!
كان خروجهم في الشهر السابع من العام (شهر أبيب وقد سُمِّي فيما بعد نيسان)..
أمرهم الله أن يجعلوا هذا الشهر السابع هو أول شهور السنة!! أي أمر الله الشعب أن
يغيروا هوية هذا الشهر من الشهر السابع، ليُصبح الشهر الأول!! ولكي تفهم عزيزي القاريء
هذا الأمر، لك أن تتخيل أنك وأنت في شهر يوليو (الشهر السابع من العام الميلادي)،
تجد هذا الشهر وقد تحول إلى الشهر الأول، وحلّ محل شهر يناير (وبالتالي أصبح يناير
هو الشهر السابع وليس الأول)!!
لماذا هذا التغيير؟ بالتأكيد، كما تخبرنا التفسيرات
الكلاسيكية، فإن هذا التغيير لكي يُعلن الرب أن قبول الفداء، المُتمَثِل في خروف
الفصح، هو أول ما يمكن أن يُحسب في عمر الإنسان الحقيقي.. هذه حقيقة..
لكن أيضًا، وهذا هو ما يشغلني أن أعلنه لك في هذا التأمل
البسيط، فإن الله بتغييره لمواقيت العام، يعلن لنا أنه الرب القادر ليس فقط على
تغيير الأوقات والأزمنة، لكنه الرب القادر على تغيير هوية الأوقات والأزمنة من
خلال قوة الفداء... قوة دم الحمل – موت يسوع لأجلنا وقيامته..
نعم قوة الفداء تصنع تغييرًا في هوية الزمن!! الأيام
التي نحياها تتغير معانيها وتأثيراتها بسبب اختراق قوة فداء الرب لأوقاتنا
وأزمنتنا!! الله يريد أن يخترق أزمنتنا بزمانه هو!! وأوقاتنا بأوقاته هو!! قد تمر
أيام نشعر فيها بثقل العيان، لكن مجدًا للرب، لأن الفداء لم يكن حدثّا تاريخيًا
فقط!! لكن الفداء هو قوة مُتحركة مُغيرة لواقعنا وظروفنا وشكل وهوية أيامنا...
فداء الرب للشعب من عبودية فرعون غيّر هوية الشهور التي كان الشعب يحياها.. فالشهر
السابع الذي لم يكن في الطبيعي يحمل أي ذكرى أو أعياد.. صار الشهر الأول.. وصار شهر
أول الأعياد وأعظمها.. عيد الفصح!! عزيزي.. لم يكن هذا إلا رمزًا لقوة فداء
الرب يسوع لنا ودمه المسفوك لأجلنا على الصليب.. هذا الفداء الذي له القوة
لتغيير هوية شهورنا وأيامنا.. نعم يريد الرب أن يعمل بالروح القدس في حياتنا،
ليغطي أيامنا بقوة دمه وفدائه.. لكي تتغير أيامنا وشهورنا (Chronos)، لنحيا في مليء توقيتات
الرب (Kairos).. لنحيا مواسم الرب وأعياده!! هل تعلم عزيزي أنه بعد تغيير الرب للشهور بحسب توقيت
الفصح والفداء، أسسّ الرب تقويم أعياد إلهي للشعب كي يعيدوا به؟؟ نعم، فبناءًا على
تغيير هوية الشهور، أسس الرب أعياده السبعة – مواسم الرب (لا٢۳) كما يدعوها الرب نفسه!!
وماذا يعني هذا؟؟ هذا يعني أن الرب لا يريد فقط أن يغير هوية أيامنا وشهورنا، لكن
يريد أن يخترقها بتوقيتاته هو، وتوقيتاته هي أعياد (Kairos)!! مواسم إلهية!! يريد الرب أن
يضبط أيامنا وشهورنا (Chronos) بمواسمه.. مواسم السماء (Kairos).. لنحيا بحسب إيقاع السماء.. ولتأتي
السماء على الأرض.. إيماننا بقوة فداء الرب لتغيير أوقاتنا وأزمنتنا، وتغيير هوية
أوقاتنا وأزمنتنا يطلق عمل الروح القدس فينا وفي أيامنا وشهورنا لتصير بحسب تقويم
الرب.. أبدية الرب تُحيط بأزمنتنا وتفديها.. يخترق الله بحياته (زوي) أيامنا
الطبيعية فيحولها إلى أزمنته هو.. يُغلِف أيامنا بحضوره المُشَبَع بقوة فدائه،
فيخلق أزمنة هويتها جديدة.. أزمنة تمتليء بقوة حياته وأوقات هويتها من قوة
قيامته.. لنحيا في جدة الحياة (رو٦: ٤).. ونعبد بجدة الروح (٧: ٦)!!
روح الله.. لتعمل فينا بقوة فداء يسوع.. لتتشكل أيامنا
بمواسم الرب.. بإسم الرب يسوع لتتغير هوية أيامنا لتطابق الهوية التي في قلب الآب
السماوي تمامًا.. تتغير هوية شهورنا بحسب مواسم الرب... تعمل قوة الفداء في
أيامنا.. قوة الدم للاسترداد.. لاسترداد مواسم الرب.. لاسترداد هوية الزمن بحسب
فكر الرب في حياتنا.. لتغير أوقات الحزن إلى أوقات فرح.. أوقات التعب إلى أوقات
راحة.. أوقات القحط إلى ثمر وفير!! أوقات الشباك الفارغة إلى أوقات شباك ممتلئة
بصيد وفير.. والشباك لا تتخرق!!
روح الله.. ليخترق زمانك الفائق زماننا ومكاننا
الطبيعيين!! آه يا روح الله.. دعوتنا للمجد!! دعوتنا لنحيا في بُعدٍ مختلف!! شعب
أعياد!! نعم نحيا في العالم، لكن لا نتأثر بقوانينه وأوقاته وأزمنته!! أوقاتك تغير
أوقاتنا.. مفاجآتك تصنع لنا واقعنا.. فداؤك يبدل الأوقات والأزمنة... فداؤك يصنع
مواسمك في حياتنا.. هيا يا روح الله.. كم نشتاق لمواسمك.. مواسم الحمل المذبوح
المُقَام لأجلنا.. كم نشتاق لمواسم يسوع فينا!!
الأخ/ ثروت ماهر
٢٩ – سبتمبر – ٢٠١٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق