مقالات بقلم الأخت/ جاكلين عادل



الدعوة والحياة فوق الطبيعية...
صديقي...
هل مرت بك أوقات شعرت فيها أن الله يكلمك بكلمات تبدو أكبر منك بكثير؟!... هل تشعر في مرات كثيرة أن الله يدعوك لحياة ليست كالحياة الطبيعية التي يحياها كثيرون حولك؟!... هل تجد نفسك في مرات كثيرة تفكر في مستقبلك بطريقة مختلفة عن الطبيعي مما قد يجعل بعضًا ممن هم حولك لا يفهمونك؟؟.. أو يقولون عن الأحلام التي وضعها الله بداخلك، أنها أحلام لا تصنع حياة طبيعية أو مستقرة بلغتِهم؟!! هل تجد بداخلك إيمان حقيقي قوي أن الله يريد أن يستخدمك رغم ضعفك؟!.. وأنّ الله له دعوة خاصة على حياتك؟ وأن دعوته أقوى بكثير من كل إقناعات منطقية تحاول أن تدفعك لتحيا حياتك بطريقة عادية؟؟هل تشعر أن بداخلك شوق حقيقي، ونار إلهية لتكون في ملء دعوة الله الخاصة ومشيئته لحياتك؟؟

عزيزي القاريء.. إنّ الكلمات الآتية هي لك!!
الكتاب المقدس يمتليء بشخصيات حياتهم كانت حياة فوق طبيعية.. كثيرون دعاهم الرب.. وكانت الدعوة أكبر منهم بكثير.. كانت دعوة لحياة فوق طبيعية!! صدقوا الدعوة الإلهية.. وأعطوا حياتهم للرب بتسليم كامل، فصنع الرب بهم عجائب وآيات.. عزيزي...قد تكون أنت واحد من هؤلاء الذين يدعوهم الرب!!.. وفي هذا المقال سأتكلم معك عن واحد من أعظم هؤلاء الرجال الذين دعاهم الرب، استجاب للدعوة، فعاش مع الرب حياة فوق طبيعية... إنه رجل الله، رجل الإيمان... إبراهيم...

بداية طبيعية.. ودعوة فوق طبيعية..
كان إبراهيم في بداية حياته يعيش حياة طبيعية (تك ١١׃ ٢٧–‏ ٣٢).. كان يعيش في أور الكلدانيين. وبعد ذلك قرر أبوه تارح أن يترك أور ليذهب إلى أرض كنعان.. وفي الحقيقة يخبرنا سفر الأعمال أن الرب شخصيًا كان قد ظهر لأبرام في نفس الوقت وأمره أيضًا أن يترك أور الكلدانيين ليذهب إلى الأرض التي يريه إياها الرب... "ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين، قبلما سكن في حاران، وقال له: أخرج من أرضك ومن عشيرتك، وهلم إلى الأرض التي أريك. فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين..." (أع ٧׃ ٢–‏٤)... وعلى هذا تحرك إبراهيم مع أبيه.. لكن بعد هذا يقول أيضًا سفر التكوين أن تارح قرر أن  يستقر في حاران!! وكان هذا نصف الطريق بالنسبة لدعوة إبراهيم!!... ولكن يظهر الله بعد هذا لأبرام مرة أخرى ويقول له: "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة. وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض..." (تك ١٢׃١‏ -٣)..

رغم أن تارح أبا إبراهيم توقف، إلا أنّ دعوة إبراهيم ثابتة ومستمرة!! صديقي.. إذا كان الله قد دعاك.. آمن أن دعوته لك هي دعوة ثابتة ومستمرة.. مهما كان سنك أو ظروفك أو امكانياتك!!

انظر معي ماذا حدث بعد ذلك لأبرام!! يقول الكتاب أنّ أبرام أطاع الله، وترك أهله وعشيرته (تك ١٢׃٤، ٥)... ويعود الله ليقول له أنه سيجعله أمه عظيمة، وسيباركه، ويعظم اسمه... ويَعِدهُ الله بأنه سيعطيه نسلاً كرمل البحر وكنجوم السماء.. وسيملك هذا النسل الأرض، ويكون له ميراث... وسيأتي من هذا النسل المخلص يسوع..!! وتمر الأيام والسنون.. وتتحقق كلمات الله لإبراهيم!!.. ولكن صديقي.. انتبهههههههه.. لكي تتحقق هذه الدعوة في حياة إبراهيم، كان لابد لإبراهيم أن يجتاز في بعض الأمور والدروس.. يختبرها... ويمر بها.. وهذه الأمور هي أمور هامة جدًا لتحقيق الدعوة الإلهية في حياة كل مَن يدعوه الرب... لذا سنتحدث عنها قليلاً في السطور الآتية...

الإيمان.. والطاعة...
كان على إبراهيم أن يصدق ويؤمن... نعم، لكي تتحقق دعوة إبراهيم، كان لابد أن يعيش إبراهيم بالإيمان!! يحيا الدعوة ويصدقها، حتى لو كانت تبدو كبيرة وعظيمة عليه!! كان لابد أن يصدق إبراهيم كلمات الله.. ويؤمن أنّ الذي وعد هو صادق وأمين.. كان لابد لإبراهيم أن يصدق الله ويؤمن بكلماته ودعوته، أكثر بكثير من تصديقه لضعفه الشخصي...

لكن أيضًا، كان على إبراهيم أن يطيع... لا يكفي أن تؤمن!! لكن عليك أن تطيع الله في كل أمور حياتك!! إبراهيم آمن وصدق.. لكن أيضًا أطاع.. اسمع معي ماذا تقول رسالة العبرانيين عن إبراهيم... "بالإيمان إبراهيم لما دُعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا.." (عب ١١׃ ٨)... نعم صديقي... لتحقيق الدعوة في حياتك، عليك أن تطيع الله.. إذا قال لك اخرج.. يجب عليك أن تخرج!!... وإذا قال لك أن تذهب لمكان لكي تخدمه.. فعليك أن تطيع.. ولا تفعل كما فعل يونان.. حتى لو كان المكان الذي يرسلك إليه الرب هو مكان صغير وامكانياته قليلة.. آمن أنّ الله يعطيك القوة والقدرة الإلهية.. فليس بالقوة أو بالقدرة البشرية، لكن بروحي قال رب الجنود... ليس بقوتك ولا بقدرتك لكن بقوة روح الله... وإذا قال لك الرب أن تترك أمور تشغلك عنه، أو أمور من العالم.. عليك أن تطيع.. اسمع ماذا يقول الكتاب عن الطاعة: "إن سمعوا وأطاعوا قضوا أيامهم بالخير وسنيهم بالنعم" (أي٣٦׃ ١١)... وأما عن عدم الطاعة فيقول: "ولمَن أقسم: لن يدخلوا راحته.. إلا للذين لم يطيعوا.." (عب ٣׃‏ ١٨)...

الإتكـال على الرب...
ماذا كان المطلوب من إبراهيم أن يفعل بعدما آمن وأطاع؟!.. هل كان عليه أن يسير الطريق بنفسه؟.. أنظر معي ماذا حدث عندما اتكل إبراهيم على نفسه، وسمع لسارة، وأنجب اسماعيل؟!! هل حفظ نفسه في خطة الرب ومشيئته؟ بالطبع لا!!... وماذا فعل عندما ذهب إلى أرض مصر.. عندما سألوه عن سارة، امرأته؟.. خاف وقال أنها أخته، وكان سيتسبب في ضياع كل حياتهما معًا!! لماذا؟؟ لأنه اتكل على نفسه وأفكاره البشرية!!.. يقول الكتاب المقدس: "طوبى للرجل المتوكل علي الرب" (مز٣٤׃‏ ٨).. ويغني داود بالروح: "لأني على قوسي لا أتكل، وسيفي لا يخلصني.." (مز٤٤׃ ٦)...

عزيزي.. ماذا تفعل عندما تمر بأوقات تشعر فيها أن مواعيد الله لك قد تأخرت؟!!.. هل تتكل على نفسك، وأفكارك، وذراعك كما فعل أبرام في فترات من حياته؟!... لكن شكرًا للرب.. الله أمين وصالح.. أنقذ أبرام في أرض مصر، وأخرجه من مآزق كثيرة.. وعلمه كيف يتكل عليه بكل قلبه... وسيخرجك الرب عزيزي من نتائج أخطائك، إن آمنت به، واتكلت عليه!!

يعلمنا الكتاب المقدس الكثير والكثير عن الاتكال على الرب. يعلمنا إن مَن يتكل على الرب لا يخزى.. "عليك اتكل أباؤنا. اتكلوا فنجيتهم. إليك صرخوا فنجوا. عليك اتكلوا فلم يخزوا." (مز ٢٢׃‏٤، ٥).. ويعلمنا أن نتكل على الرب، وهو يُجري كل الأمور.. "سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يُجري." (مز ٣٧׃‏ ٥)... ويعلمنا أن "المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون، الذي لا يتزعزع، بل يسكن إلى الدهر." (مز١٢٥׃‏ ١)... نعم.. المتوكلون على الرب مثل جبل ثابت.. بعد أن تؤمن وتطيع، اتكل عليه، وآمن أنه هو الضامن لدعوتك.. اتكل على الرب، وستجد أن الأمان والسلام والحضور الإلهي لا يُنزَع منك.. المتوكل على الرب لا يتزعزع.. بل يسكن إلى الدهر...

الإماتـة...
ابراهيم آمن، أطاع، اتكل على الرب... ومــات!! كان على إبراهيم أن يحيا الإماتة!! يضع احتياجاته، ورغباته، وحتى أحلامه عند الرب... إبراهيم كان عنده حلم، وهو أن يُنجب.. وهذا الحلم كان أيضًا حلم الله ووعده لإبراهيم... وانتظر إبراهيم تحقيق الحلم كثيرًا.. إلى أن جاء اسحق.. ثم قال له الرب أن يقدم اسحق محرقة!!.. قال له الرب: "خذ ابنك وحيدك، الذي تحبه، اسحق، واذهب إلى أرض المريا، واصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك.." (تك٢٢׃ ٢)... وفعلها إبراهيم.. أخذ اسحق وذهب ليقدمه للرب!!.. نعم.. مات إبراهيم عن كل إحلامه، ورغباته!!.. كان إبراهيم مستعدًا أن يُمسك بالسكين، ويقتل حلمه.. ابنه.. حبيبه.. وحيده من أجل الرب.. ما أعظم عمل النعمة في حياة إبراهيم..!! وناداه الرب من السماء، ليقول له أن لا يقتل ابنه.. فالرب قد دبر كبش الفداء!!... وقام حلم إبراهيم!! وقامت دعوته!!...

إبراهيم آمن، أطاع، اتكل على الرب، وعاش الإماتة التي في مشيئة الرب... فوجد دعوته... كانت حياته فوق طبيعية..لكنها كانت بذرة حية تحمل قوة الدعوة له ولكثيرين من بعده!!... اسمع وصف الروح القدس، في رسالة العبرانيين، لحياة ودعوة إبراهيم وسارة.. "بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا... بالإيمان سارة نفسها أخذت قدرة على إنشاء نسل، وبعد وقت السن ولدت، إذ حسبت الذي وعد صادقًا... بالإيمان قدم إبراهيم إسحق وهو مجرب.. قدم الذي قبل المواعيد وحيده الذي قيل له: إنه باسحق يدعى لك نسل. إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات..." (عب١١׃‏٩، ١١، ١٧،‏١٨)...

نعم صديقي.. تؤمن، وتطيع.. تتكل على الرب بكل قلبك.. تموت، وتقدم كل أحلام شخصية ذبيحة للرب.. سيولد لك اسحق!! نعم.. بالتأكيد سيولد لك ابن الموعد.. ستولد الدعوة ويتحقق الوعد.. ستحيا حياة فوق طبيعية.. ممتلئة بقوة قيامة الرب.. سترى الثمر الوفير... وستعرف أن الرب معك.. نعم الرب معك.. يهوه يرأه.. الإله الذي يرى الاحتياج ويسدد.. يهوه رفا.. الإله الذي يشفيك، وينقذك من أمراض المصريين.. ويفيض بشفائه فيك... نعم إيها الرب.. أنت معي.. دعوتني دعوة مجيدة.. لحياة فوق طبيعية.. تستمد قوتها منك أنت شخصيًا.. أنت حي.. فأنا سأحيا.. سأحيا في ملء دعوتك وقصدك لحياتي.. سأحيا حياة المجد.. مؤمنًا.. طائعًا.. متكلاً عليك.. ومُسلمًا لك الكل... آمين..
جاكلين عادل..




غير مرتبكين بأعمال الحياة....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي مَن جنده..."
2تي2: 4
يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس هذه الكلمات بالروح القدس: "ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي مَن جنده..." (2تي2: 4)... إن أراد أحد أن يكون جندي في جيش الرب، عليه أن لا يكون مرتبك بأعمال الحياة... مَن يتجند لا يرتبك بأعمال الحياة... لا يرتبك بأحلامه أو رغباته الشخصية، حتى لو كانت أحلامه هذه روحية أو أحلام للخدمة..!!

لو كنت تريد أن ترضي مَن جَندك، عليك أن ترضيه بطريقته هو، وليس بطريقتك أنت... وفي اعتقادي، لكي تقدر أن تحيا غير مرتبك بأعمال الحياة، عليك أن تعيش الإماتة..!! تعيش "موت المسيح، وقيامة المسيح"..!! وهذا هو ما قاله بولس لتلميذه تيموثاوس في باقي هذا الجزء من الاصحاح الثاني من هذه الرسالة...

يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس، ليشرح له كيف يعيش غير مرتبك بأعمال الحياة: "اذكر يسوع المقام من الأموات" (2تي2: 8) ويقول له أيضًا: "أنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه" (2تي2: 11).. لا ينصح الرسول بولس تلميذه تيموثاوس "أن لا يرتبك بأعمال الحياة" بدون أن يعطيه المفتاح الذي يساعده أن يحيا هذه الحياة.. والمفتاح هو "الموت مع المسيح والقيامة مع المسيح.." أن تموت عن احتياجاتك.. وأهدافك الخاصة، وأحلامك الخاصة أيضًا.. لكي تدرك ما هي أحلام الله وأهداف الله لك...

في الرسالة إلى فيلبي، يقول الرسول بولس: "أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع..." (في3: 14)... هنا بولس يدرك الهدف ويعرف كيف يسعى نحوه بدون ارتباك بأعمال الحياة، ولا يرتبك حتى بأمور الخدمة، فقد كان كل تركيزه على الهدف... إذ يقول: " لكن ما كان لي ربحًا، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة. بل أني أحسب كل شيء أيضا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي, الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح..." (في3: 7, 8)... أدرك بولس دعوة الله لحياته، وأدرك أن الطريق لهذه الدعوة هو "الموت عن كل الأشياء"... وأدرك أن الطريق للموت عن كل الأشياء والحياة لدعوة الرب هو معرفة الرب ذاته...

نعم... في أحيان كثيرة يمكنك أن تقابل شباب يوجد على حياتهم دعوة حقيقية من الله... لكن دعوة الله لحياتهم ليست هي هدفهم!! لأنهم مرتبكين بأعمال الحياة!! أو حتى, في أحيان، مرتبكين بأمور الخدمة!!... ويمكنك أيضًا أن تقابل شباب آخرين مدركين لدعوة الله على حياتهم وهي الهدف الذي أمامهم، لكنهم منشغلين بالدعوة لدرجة الارتباك بها عن معرفة الرب ذاته..!!

الجندي الحقيقي للرب ينبغي أن يُمسَح من رب الجنود ذاته... وهذه المسحة الخاصة ستمكنه أن يحيا حياة "موت المسيح، قيامة المسيح الحقيقية"...  وهذه المسحة الخاصة ستجعله جندي يُرضي مَن جنده، ولكن بطريقة مَن جنده...

تعالوا معًا نذهب إلى مثال من الكتاب المقدس لهذه الحياة التي يريدها الرب...

يقول الكتاب في (لو10: 38- 42): " وفيما هم سائرون دخل قرية، فقبلته امرأة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه أخت تدعى مريم، التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه. وأما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة. فوقفت وقالت: يا رب أما تبالي بأن اختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقل لها أن تعينني!.. فأجاب يسوع وقال لها: مرثا.. مرثا.. أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها..."

يمكننا أن نجد, في هذا المشهد، مرثا كمثال للارتباك... إذ يقول الكتاب: "مرتبكة في خدمة كثيرة..." كانت مرثا تخدم خدمة كثيرة. وكانت دون تفكير تتخيل أنها سترضي السيد بالخدمة الكثيرة، وفي اعتقادي كانت مرثا تحاول أن تقدم محبة حقيقية... لكن اسمع ماذا قال لها يسوع.. " مرثا.. مرثا.. أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة, ولكن الحاجة إلى واحد".... نعم.. الحاجة إلى واحد.. الحاجة هي أن تجلس عند قدمي الرب لكي تعرف ما الذي يجب أن تفعله له، كما فعلت مريم.. انظر ماذا يقول الكتاب عن مريم.."فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها..."

نعم.. فهمت مريم وأدركت ما هو النصيب الصالح... النصيب الصالح هو الجلوس عند قدمي يسوع... ولكي لا ترتبك بأمور الحياة أو الخدمة، يجب عليك أن تجلس عند قدمي يسوع.. عندما تجلس في محضره تعرف وتفهم ما هو الغرض والهدف... تجلس عند قدمي الرب فتصير إناء ممتليء ويفيض على الآخرين.. تجلس فتعرف مَن هو النصيب الصالح الذي لن ينزع منك.. هل تهتم أو تهتمي بأمور كثيرة، حتى لو كانت أمور خدمة أو أمور تصنعها لأجل يسوع.. صديقي.. انتبه!! إذا لم تقضي وقتًا حقيقيًا مع وأمام الرب, قد تتحول الخدمة، في أحيان كثيرة بدون أن تدرك، إلى خدمة هدفها نفسك وذاتك!! من المهم جدًا أن تعرف السيد الذي تخدمه.. ومن المهم أن تعرف لماذا تخدم وكيف تخدم!!

في موقف مرثا ومريم...لم يكن المسيح يلوم مرثا.. وهو لا ولم ولن يلومك صديقي!! لكن المسيح هنا كان يقول لمرثا أنه يعرف أنها تريد أن تخدمه.. لكن في نفس الوقت كان يقول لها أنها تهتم بأمور غير مهمة... أي كأنه يريد أن يقول: يا مرثا ويا أي شخص تريد أن تكون جندي صالح في خدمة السيد.. عليك أن تعرفني... تعرف السيد أولاً... وعليك أن تموت عن كل ما تريده أنت... عليك أن تموت عن كل ما تفضله أنت، حتى لو كان في الخدمة!!... اسمع صوت الرب قائلاً: " الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها... ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير.." (يوحنا  12 : 24).. نعم لابد أن تمت حبة الحنطة عن رغباتها وميولها وأحلامها... لكي تقوم وتأتي بثمر كثير... الموت.. هو الموت مع المسيح.. والقيامة.. هي القيامة مع المسيح.. وهذا لن يُعلَن في حياتنا إلا عندما نلتصق بالمسيح... لا نرتبك بأمور الحياة ونجلس في محضره وتحت قدميه...

نعم.. نعم يا رب... نريد أن نكون جنود صالحين في جيشك.. نريد أن نكون جنود غير مرتبكين وغير مشغولين بأمور الحياة... نريد أن تكون أنت لنا النصيب الصالح الذي لن ينزع منا أبدًا... نحن نحبك ونحب الجلوس في محضرك.. ونحب أحلامك وأهدافك.. ونريد أن نخدمك أنت بطريقتك أنت... سيدي.. امسحني لكي أخدمك ولكي أكرمك... امسحني لكي أسر قلبك كما فعلت مريم... آمين...

جاكلين عادل




 
بقيت أرض كثيرة للامتلاك...

أنظر ماذا قال الرب ليشوع!!
في سفر يشوع(١٣: ١- ٧) يقول الكتاب: وشاخ يشوع. تقدم في الأيام. فقال له الرب: "أنت قد شخت. تقدمت في الأيام. وقد بقيت أرض كثيرة جدًا للامتلاك."... نعم.. هلليلويا...
أسمَع الرب يقول لك "بقيت أرض كثيرة جدًا... نعم جدًا...".
لذا، هيا معًا عزيزي القاريء، نقرأ ونتأمل عن أشخاص سمعوا وفهموا، أدركوا وآمنوا، أن لهم أرض كثيرة للامتلاك...  هيا نقرأ عن مثالين من الكتاب المقدس، قصتين فيهما أبطال آمنوا بما لهم، وأخذوا أرضهم رغم كل التحديات...

أولاً: كالب بن يفنة القنزي:
أحب أن أبدأ لك بما قاله كالب ليشوع... وقف كالب أمام يشوع وقت تقسيم أرض الموعد قائلاً له: "أنت تعلم الكلام الذي كلم به الرب موسى رجل الله من جهتي ومن جهتك في قادش برنيع. كنت ابن أربعين سنة حين أرسلني موسى عبد الرب من قادش برنيع لأتجسس الأرض. فرجعت إليه بكلام عما في قلبي. وأما اخوتي الذين صعدوا معي فأذابوا قلب الشعب. وأما أنا فاتبعت تمامًا الرب إلهي.  فحلف موسى في ذلك اليوم قائلاً: إن الأرض التي وطئتها رجلك لك تكون نصيبًا ولأولادك إلى الأبد، لأنك اتبعت الرب إلهي تمامًا. والآن فها قد استحياني الرب كما تكلم هذه الخمس والأربعين سنة، من حين كلم الرب موسى بهذا الكلام حين سار في القفر. والآن فها أنا اليوم ابن خمس وثمانين سنة. فلم أزل اليوم متشددًا كما في يوم أرسلني موسى. كما كانت قوتي حينئذ، هكذا قوتي الآن للحرب وللخروج وللدخول. فالآن أعطني هذا الجبل الذي تكلم عنه الرب في ذلك اليوم.لأنك أنت سمعت في ذلك اليوم أن العناقيين هناك، والمدن عظيمة محصنة. لعل الرب معي فأطردهم كما تكلم الرب. فباركه يشوع، وأعطى حبرون  لكالب بن يفنة ملكًا." (يش١٤׃ ٦- ١٣)...

يقول كالب ليشوع في العدد العاشر أنه مازال متشددًا كما كان منذ خمس وأربعين سنة..!! ويطلب الجبل بكل جرأة.. يطلب ما وعده به الرب منذ خمس وأربعين سنة..!!
نعم.. فقد فهم كالب، وأدرك أنه يوجد أرض كثيرة للامتلاك.. وأدرك أن له الميراث الذي تكلم عنه الرب.. نعم الرب أمين وصالح وصادق في كل وعوده لنا.. لكن هل أنا وأنت مثل كالب في إيمانه وإصراره أن له أرض وميراث؟؟ بعد خمس وأربعين سنة وهو في الخامسة والثمانين من عمره هل تسمع عزيزي القاريء ما يقوله؟؟! يقول أنه مازال متمتعًا بالقوة كما كان في الأربعين من عمره.. عنده قوة للدخول وللخروج وللحرب..!!

عظيم إيمان كالب وفهمه أنّ له ميراث.. أدرك كالب ميراثه الأرضي، لأنه من شعب الله.. لكن لم يكتفي بأنه مدرك..!! ماذا فعل كالب؟! قام وقال وأعلن بكل إيمان وشجاعة أنّ له وعد بالميراث..

أنت وأنا أبناء... وإن كنا أبناء فوارثون لله بالمسيح (غل٤׃٧).. لابد أن ندرك ميراثنا.. الميراث السماوي والميراث الأرضي... لنا ميراث عظيم، لأنه باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح (أف١׃٣)...

نعم... قم وقل بكل شجاعة أنّ لك ميراث، وسوف تمتلكه... قل أمام العدو أنّ لك ميراث وسوف تمتلكه... نعم لك ميراث من أبيك السماوي وسوف تمتلكه...

لك ميراث سماوي... كل استخدام وقوة وسلطان.. "أعطيتكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب ولا يضركم شيئًا"... وثمر مضاعف في خدمتك.. "أرسلتكم لتأتوا بثمر ويدوم ثمركم".. وانتصار على كل مقاومة من العدو... "وإله السلام سيسحق الشيطان سريعًا تحت أقدامكم".... نعم، بقيت أرض كثيرة للامتلاك...

ولك أيضًا ميراث أرضي، كل بركة مادية وتسديد للاحتياجات... كل شفاء جسدي ونفسي... حتى إذا كنت تقول بداخلك "أنا عمري ٦٠ سنة"... الرب يجدد كالنسر شبابك، وتقول مع كالب "أنا الآن عمري خمس وثمانين، ومازلت اليوم متشددًا..."

اسمع ماذا يقول الكتاب عن امتلاك كالب للمواعيد... "لذلك صارت حبرون لكالب بن يفنة القنزي ملكًا إلى هذا اليوم، لأنه اتبع تمامًا إله اسرائيل"... ما أعظم هذه الكلمات!!... سأتبع الرب بكل قلبي... سأتبعه لأني أحبه.. سألتصق به، لأنه حياتي... وسيضمن لي تحقيق المواعيد.. لن أكون خاسرًا بتبعيتي للرب.. هو سيضمن لي ميراثي.. وسأمتلك بإسم يسوع كل ما أعده الآب لي...

 ثانيًا: بنـات صلفحاد:
مثال آخر من الكتاب المقدس عن أناس أدركوا ما معنى "بقيت أرض للامتلاك"... أنهن بنات صلفحاد... يقول الكتاب في سفر العدد:
"فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن ماكير بن منسى من عشائر منسى بني يوسف. وهذه أسماء بناته محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة. ووقفن أمام موسى وألعازر الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات: أبونا مات في البرية ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح بل بخطيته مات ولم يكن له بنون. لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن. أعطنا ملكًا بين إخوة أبينا. فقدم موسى دعواتهن أمام الرب.
فكلم الرب موسى قائلاً: بحق تكلمت بنات صلفحاد فتعطيهن ملك نصيب بين إخوة أبيهن وتنقل نصيب أبيهن إليهن. وتُكلِم بني إسرائيل قائلاً أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى إبنته... فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء كما أمر الرب موسى..." (عد٢٧׃ ١-‏ ٨ ، ١١)..

قديمًا، كان عند الشعب عُـرف أو تقليد، أنه إذا لم يكن للأب أبناء ذكور، وكان له بنات إناث فقط، فأنهن لا يرثن من ميراث أبيهن.. وكان هذا التقليد معروف ومُتبَع عند الشعب..
لكن عزيزي القاريء... أنظر ماذا حدث!! وقفن بنات صلفحاد ليغيرن التاريخ!! وقفن ليقولن "نحن نريد ما لنا..!!"

أنظر عزيزي، كيف ذكر لنا الكتاب المقدس أسمائهن بالتفصيل، مما يبرهن على اهتمام الله بكل واحدة فيهن.. كان الله مهتم جدًا بهن وبكل تفاصيلهن... وأنت أيضًا عزيزي القاريء.. الله مهتم بك، وبكل أمور حياتك.. العائلية والعملية والروحية...

قديمًا، كان يُنظر للمرأة على أنها ضعيفة... ولكن على الرغم من هذا، وقفن بنات صلفحاد بشجاعة ليطالبن بالأرض.. وأنت عزيزي، حتى لو كان يُنظر لك على أنك ضعيف.. هل تقف لتُطالب بما لك.. هل تقف لتطالب بميراثك؟؟..

أدركن بنات صلفحاد رغم ضعفهن، أن لهن ميراث.. أيضًا فهمن أنه رغم خطية عدم إيمان أبيهن الذي مات في البرية، أنه يمكن لهن أن يرثن... وقفن بنات صلفحاد بكل قوة، رغم النظر إليهن على أنهن ضعفاء، وقفن وطالبن بالميراث... عزيزي، كم تطَلَبَ هذا الموقف منهن شجاعة؟!!.. ليقفن أمام موسى، و أبيعازرالكاهن، والشعب، وكل الرؤساء، ويطالبن بالميراث!!
نعم عزيزي القاريء... أنت أيضًا مدعو أن تقف بشجاعة رغم كل الظروف والمعوقات... أنت مدعو أن تقف أمام ظروف حياتك، وأمام كل أمور تبدو عالية في حياتك.. مدعو لتقف وتطالب بميراثك..
مدعو لتقف أمام العدو، ليرفع يده عما لك... تقف وتقول وتعلن حقك وميراثك بكل شجاعة وإيمان.. تهزم كل خوف من الظروف والناس أو من العدو...
نعم عندما يكون لنا غيرة حقيقية على ميراث الرب فينا وعلى بركات الرب لنا ومواعيده، سنسمع بكل تأكيد كلمات التأييد من الرب، كما سمعن بنات صلفحاد "بحق تكلمت بنات صلفحاد"...

هلليلويا للرب.. أعطى الرب الميراث لبنات صلفحاد... أخذن ميراثهن وشهد لهن الرب بالحق... لكن انتبه أيضًا عزيزي.. ليس هذا فقط.. لكن لقد تغيرت التقاليد..!! أخذن بنات صلفحاد ميراثهن، وأيضًا غيرن أمورًا في الأرض بسبب وقفتهن أمام كل التحديات وحتى أمام ما يبدو أنه قوانين في ذلك الوقت..!!

صلاتي لك ولي عزيزي... أن نقوم ونقف أمام كل أمور في حياتنا معطلة للامتلاك.. نعم نقف أمام كل خوف وعدم إيمان.. نقف أمام كل استهانة بالميراث وكل عدم إدراك وفهم للميراث السماوي والأرضي.. نعم لنا ميراث الاستخدام والقوة والسلطان، ولنا ميراث الشفاء الجسدي والنفسي، لنا تسديد الاحتياجات...
هيا عزيزي.. قم معي وقف.. قاوم عدم الإيمان.. امتلك ميراثك!!
نعم.. بقيت لك ولي أرض وأراضي كثيرة جدًا للامتلاك.... هلليلويا...
جاكلين عادل...