العصفور وجد بيتًا...
"العصفور أيضًا وجد بيتًا، والسنونة عشًا لنفسها حيث تضع أفراخها، مذابحك يا رب الجنود، ملكي وإلهي.." (مز٨٤׃ ٣)
العصفور أيضًا وجد بيتًا.. يا لها من كلمات مشجعة يرسلها لنا الرب في نهاية هذا العام!!
العصفور وجد بيتًا.. تحدث الرب يسوع عن العصافير في أكثر من مناسبة. في إحدى المناسبات قال أنّ عصفوران يباعان بفلس (مت١٠׃٢٩). وفي مناسبة أخرى قال أن الخمس عصافير تباع بفلسين (لو١٢׃ ٦)... وبعملية حسابية بسيطة نكتشف أنّ العصفور ثمنه زهيد جدًا.. رخيص جدًا.. بل إنه في بعض الأحيان عند شراء عصفوران بفلس مع عصفوران بفلس آخر، يعطي البائع عصفورًا خامسًا كهدية للمشتري، أو كما نسميه عصفورًا (على البيعة)، فيصبح "الفلسين" ثمنًا لخمسة عصافير بدلاً من أربعة!!
تخيل معي عزيزي القاريء، إنّ هذا العصفور الذي (على البيعة)، الله في محبته ورحمته لا ولن ينساه!! الله يعتني به!! نعم عزيزي.. وهذه ليست كلماتي أو أفكاري الشخصية!! إنها كلمات الرب يسوع شخصيًا.. إسمعه وهو يقول "أليست خمسة عصافير تباع بفلسين، وواحد منها ليس منسيًا أمام الله؟" (لو١٢׃ ٦)...
هلليلويا.. العصفور الصغير، الضعيف، الوحيد، الذي يوضع "على البيعة".. الذي لا يفكر فيه أحد، الله يفكر فيه.. الله لا ينساه وسط زحام الحياة... عزيزي، إن كان هذا هو قلب الله تجاه العصفور الذي ليس له اسم، الذي لا يتعدى أن يكون مجرد عصفور... فكم بالحري يكون قلب الله تجاهي وتجاهك؟!!
عزيزي، هل تعبر بوقت تشعر فيه أن الله بعيد عنك؟! هل تقول "قد اختفت طريقي عن الرب وفات حقي إلهي.." ؟ (إش٤٠׃٢٧). صديقي.. كلا وألف كلا... الله لا ولم ينساك.. الله عينه عليك من أول السنة إلى آخرها (تث١١׃١٢).. كل ما تعبر به هو يعرفه جيدًا.. بل أنه يعرف أبعاده أكثر منك... كل صلواتك وتنهداتك هو يسمعها.. فهو الإله العظيم في محبته وفي قدرته... يا لعظمة الرب، لا ينسى عصفورًا قد نُسي من جميع الناس!! فكيف ينساني أو ينساك ؟؟
ليس هذا فقط عزيزي.. بل اسمع معي كلمات الآية العظيمة التي بدأت لك بها هذا المقال.. "العصفور أيضًا وجد بيتًا.." . هل تتخيل معي عزيزي، هذا العصفور الوحيد الذي لا يفكر فيه أحد... بعد رحلة طيران شاقة.. وبحث متواصل، نهار وراء نهار... أخيرًا وجد بيتًا!! وأين وجد هذا البيت؟ "مذابحك يا رب الجنود"... لقد وجد العصفور بيته في حضور الرب.. في الحضور الإلهي.. في ظلال مساكن رب الجنود.. ما أحلى مساكنك يا رب الجنود؟!
ويا لفرحة العصفور الصغير ببيته الجديد!!.. العصفور المنزعج يجد مسكنه في الحضور الإلهي!! بل وأيضًا السنونة، وهي طائر صغير جدًا في حجم العصفور وأصغر، وجدت لنفسها عشًا حيث تُسكِن أفراخها الصغيرة، وتطمئن عليهم.. العصفور والسنونة وجدا راحتهما وأمانهما في حضور الرب... العصفور والسنونة اللذان لا ثمن لهما، يرتب لهما الرب أمان وراحة وطمأنينة في حضوره.
عزيزي القاريء.. والآن ماذا عنك أنت؟!! هل مازلت مضطربًا.. منزعجًا؟!..
ألا تبتهج معي وأنت تقرأ هذه الكلمات؟! ألا تطمئن وتهدأ؟!.. ألا تفرح بإلهك العظيم، القدير، الرقيق القلب جدًا.. الذي عينه على كل تفاصيل حياتك؟!!
صديقي هل مازلت تفتقر للأمان؟ هل تشعر بالوحدة في أوقات رغم وجودك وسط بيتك وعائلتك؟!.. هيا صديقي.. هيا إلى حضوره، فالعصفور وجد بيته هناك، وأنا وأنت سنجد أماننا وراحتنا الحقيقية هناك.. هيا إلى حضور الرب الدافيء.. هيا إلى جلسات تنفرد فيها بالإله العظيم الذي أحبك وأسلم نفسه لأجلك.. هناك في حضوره الدفء.. هناك الراحة والحرية من القلق.. في حضوره الشفاء من التيه.. في حضوره البيت الآمن المستقر.. والعش الدافيء الذي يسع الأفراخ الصغيرة.. يا لمجد غنى نعمته التي ترتب لي ولك أوقات خاصة لنجلس فيها معه، يقابلنا ويكلمنا ويشفينا بيده...
هل لاحظت معي عزيزي كيف استخدم الروح القدس تعبير "رب الجنود" وهو يتكلم عن الله ويقول "مذابحك يا رب الجنود"... لقد وجد العصفور بيتًا في مذابح رب الجنود.. في مسكن حضور رب الجنود.. ولقد وضعت السنونة عشها حيث تضع أفراخها في مسكن رب الجنود.. ولماذا استخدم الوحي هذا التعبير "رب الجنود" خصيصًا هنا؟! مع أنه تعبير يصلح للحديث عن المعارك والحروب، والحديث هنا هو حديث رقيق عن عصفور وسنونة؟!... صديقي، عظم معي الرب لأجل حكمته!!... يريد الروح القدس أن يقول لنا أنّ العصفور والسنونة قد وجدا الراحة حيث الإله القوي، رب الجنود، يهوه صباؤوت، الاسم الذي يشير إلى الرب في قوته وانتصاره في الحروب على أعداءه... عظم معي الرب مرة أخرى عزيزي القاريء... فالرب الذي يهتم بي وبك، الرب الذي بيده كل أموري وأمورك، الرب الذي عينه علينا من أول العام إلى آخره.. هو هو بذاته "رب الجنود".. الإله القدير الجبار في القتال (مز٢٤׃ ٨).. الإله الذي له القلب الرقيق الذي يهتم بالعصفور، ولا ينساه، وبالتأكيد عزيزي لا ينساك ولا ينسى أصغر تفاصيل حياتك، هو هو ذاته الإله الذي جرد الرياسات والسلاطين.. هو هو ذاته الإله الذي سحق العدو في معركة الصليب لأجلك ولأجلي...
هيا صديقي... ابتهج.. وقل معي في نهاية هذا العام.. إلهي عظيم في حبه لي.. وإلهي جبار في انتصاره لأجلي.. لا ولن استسلم للقلق.. لن أحيا عبدًا للمخاوف.. فالإله الذي يحيطني بحضوره الرقيق هو هو رب الجنود..
نعم عزيزي القاريء، العصفور الذي يباع بلا ثمن وجد بيتًا، والسنونة الصغيرة الضعيفة وجدت مكانًا آمنًا تبني فيه بيتها!!... والآن.. الروح القدس يشجعك ويسألك ماذا عنك أنت؟!! الرب يوجه لك هذه الكلمات في نهاية عام وبداية عام جديد... لا تعبر من عام لعام بمخاوفك!!.. هيا إلى حضوره.. هيا إلى حضوره.. أترك مشغولياتك وروتينك اليومي وكرس أوقات طويلة للتواجد في محضره.. كرس أوقات تقضيها جاثيًا علي ركبتيك أمامه.. في حضوره.. هناك حيث تنتزع أفكار القلق والتشويش.. هناك حيث تستقر الطمأنينة والسكون، حيث سلام الله الذي يفوق كل عقل.. عزيزي أدخل للمقادس.. اركع حيث تتحد مع إلهك الحي الذي يفرد مظلة حضوره حولك، فتجد بيتك.. مسكنك.. وتفرح وتبتهج مع العصفور والسنونة...
صديقي.. بقيت كلمات قليلة وينتهي هذا المقال، لكن لا تدع نهاية الكلمات تكون هي الخاتمة.. بل اجعلها بداية لوقت تقضيه مع الرب.. عندما تنتهي من قراءة هذا المقال.. ارفع قلبك للرب وابدأ في الحديث معه.. إن كنت في بيتك، اختلي به سريعًا وقل له اشتاق إلى حضورك... احكي له عن أمور كثيرة مررت بها في هذا العام ولا تريد أن تعبر إلى العام الجديد بآثارها، هيا عزيزي لتخبر إلهك عن اشتياقاتك للعام الجديد... وإن كنت عزيزي في مكان العمل أو أي مكان آخر وأنت تقرأ هذا المقال.. ارفع قلبك في ثوان وقل له أريد أن أختلي بك اليوم.. أطلب أن يعطيك الرب قوة ونعمة ويجذبك بروحه للقاء معه في خلوة عميقة قبل أن ينتهي يومك هذا.. ولا تتردد صديقي أن تسهر أوقاتًا في الليل أمام إلهك.. هو سينعشك بحضوره وسيعوض لك بقدرته الإلهية عن ساعات النوم التي استيقظتها لتجلس معه!! نعم.. آمن وتعال لمحضره.. وستجده في انتظارك.. يشتاق إليك كما تشتاق أنت له بل وأكثر جدًا...
عزيزي... العصفور وجد بيتًا..فهل تجد بيتك الحقيقي اليوم؟!! أصلي لأجل قوة الروح القدس الذي يقودنا لمحضر الملك لنقضي أوقاتًا طويلة مشبعة لقلبه ولقلوبنا قبل نهاية هذا العام.. أصلي أن نعبر للعام الجديد ونحن في حضوره ناظرين مجده كما بوجه مكشوف.. لنتهلل مع العصفور والسنونة.. هلليلويا...
إلهي .. كم أحبك.. العصفور وجد بيتًا..
حضورك هو بيتي.. هو حصني وأماني..
حضورك يجعل الأماكن حولي حلوة.. مريحة..
حضورك لي هو الحياة..
يعطي لكل شيء في حياتي حياة..
حضـــــــورك هو كفايتي..
في حضورك لا أخشى.. كيف أخاف ورب الجنود معي؟!
نوري وخلاصي... إلهي يظللني بحضوره..
حضـــــــورك هو كفايتي..
أنت كنزي.. ومعك لا أريد شيئًا
أحبك يا رب يا قوتي...
ثروت ماهر
ديسمبر/ ٢٠١٠
نعم أكثر من رائع ومشحع جداً اشكرك من اجل حضورك المشبع لحياتي اشكرك ياالهي لاني لا افقد من حضورك وحضورك في كل الكفاية
ردحذف