الجمعة، 14 يناير 2011

أبيجايل.. قلب يرى الملك..




أبيجايل... قلب يرى الملك..

جلست أبيجايل في مشغلها تغزل بيديها على النول اليدوي سجادة زاهية الألوان... وأسرعت أصابعها تداعب النول بكل رقة ومهارة، وعيناها تتأمل الألوان لتضع كل لون في مكانه.. فها الأحمر القرمزي يسبق الأرجواني الملوكي ويتداخل معه، ليصنعا لوحةً مشرقةً بالأصالة والفخامة!! وبينما تُحرك أبيجايل قاعدة النول بقدميها،  وأصابعها تجري على مشط النول ببراعة وانسيابية هادئة، إذ بصوت ضجيج يخترق الشرفة الخارجية، ويقترب بطرقات منزعجة على باب المشغل!!

فتحت أبيجايل الباب لتجد أمامها مجموعة من غلمان زوجها نابال، وأسرع أحد الغلمان لاهثًا يقول لأبيجايل أن داود أتيًا مع أربعمائة رجل من رجاله ليحارب نابال زوجها، ويقضي عليه وعلى بيته!! وإذ ارتسمت علامات الذهول على وجه أبيجايل، بدأ الغلام بكلمات سريعة يروي كيف أن داود ورجاله كانوا في الشهور السابقة نعم الأصدقاء لهم... لم يؤذوهم أبدًا، بل على العكس عملوا على حمايتهم وحماية ممتلكاتهم... إلى أن أرسل داود إلى نابال، زوج أبيجابل، يسأله أن يعط بعضًا من أغنامه المذبوحة لغلمانه، وخصوصًا أن غلمان داود في هذا الوقت كانوا مطاردين مع داود ومشغولين بالهرب من شاول، ولم يكن عندهم وقت لرعي الأغنام أو ذبحها... وإذ أتى رسل داود إلى نابال، ثار عليهم نابال ورفض أن يعطيهم شيئًا، وتكلم على داود كلمات غير لائقة.. وعلم داود بهذا كله، فثار جدًا، وقرر أن يخرج هو ورجاله لمحاربة نابال، وها داود آتيًا مع رجاله للقضاء على نابال وبيته..!!

سمعت أبيجايل كلمات الغلام باهتمام شديد.. ثم أدارت وجهها بصمت لتركز عيناها على خيوط النول القرمزية والاسمانجونية المتتابعة.. قالت لنفسها بصوت خافت: "داود الملك آت..!! نعم.. داود الملك آت..!!"

سمعها الغلام رغم خفوت صوتها، وقال بدهشة معترضًا: "سيدتي، إن داود هو بالحق رجل قوي وقائد شجاع، ولكنه ليس الملك، في الحقيقة هو هارب من وجه الملك شاول!!"

نظرت أبيجايل إلى الغلام ورفقائه في ثبات، وقالت: "لا.. أنا أعني ما قلته تمامًا.. داود الملك آت.. إن داود ليس مجرد قائد شجاع!! إنه الملك الآتي على كل إسرائيل.. إن الرب صنع به انتصارات عجيبة، وبداخلي يقينًا أنه هو الملك الحقيقي. وحتى إن كانت الظروف لا تشير إلى أنه الملك الآن، والأحداث لا تؤكد هذا تمامًا، إلا أنّ قلبي يؤكد لي أن داود هو الملك الحقيقي!!.. نعم داود هو الملك الحقيقي..!!"

نظر الغلمان بذهول إلى سيدتهم، وقبل أن ينطقوا بكلمة أمرتهم أبيجايل أن يجهزوا لها "مئتي رغيف خبز، وزقيّ خمر، وخمسة خرفان مهيأة، وخمس كيلات من الفريك، ومئتيّ عنقود من الزبيب، ومئتي قرص من التين" (١صم ٢٥׃‏١٨). ثم قالت لهم "اعبروا قدامي. هأنذا جائية وراءكم" (١صم ٢٥׃ ١٩)

وذهبت أبيجايل لمقابلة داود، وأعطته الهدايا، واستحلفته أن يصفح عن ذنب زوجها، وألا يسكب دمه هو أو أي شخص من غلمانه.. وطلبت أبيجايل من داود أن يذكرها عندما يُستعلن ملكه على كل إسرائيل..!! وقَبل داود هدايا أبيجايل، وباركها قائلاً: "مبارك الرب إله إسرائيل الذي أرسلك هذا اليوم لاستقبالي، ومبارك عقلك، ومباركة أنت... اصعدي بسلام إلى بيتك. انظري. قد سمعت لصوتك ورفعت وجهك". (١صم٢٥׃ ٣٥).

ورجعت أبيجايل بسلام إلى بيتها، واخبرت زوجها نابال في اليوم التالي عما حدث، "فمات قلبه داخله وصار كحجر" (١صم٢٥׃ ٣٧). وبعد عدة أيام، ضرب الرب نابال فمات. ولما سمع داود أن نابال مات، طلب من أبيجايل أن تكون زوجة له. وبالفعل، وافقت أبيجايل وصارت زوجة لداود، داود الملك الذي بالفعل استعلن ملكه بعد موت شاول ملكًا على كل الشعب وعلى كل مملكة إسرائيل... وبذلك أصبحت أبيجايل، المرأة الحكيمة، هي زوجة الملك!!

عزيزي القاريء... هل أعجبتك قصة أبيجايل؟! في الحقيقة، هي إحدى القصص المُشوقَة في الكتاب المقدس، وقد رويتها لك مع إضافة بعد التفاصيل الروائية... ولكن صديقي، هي ليست قصة عادية. لكنها، مثلها مثل الكثير من قصص العهد القديم، تحمل لي ولك بُعدًا نبويًا هامًا لعلاقتنا مع حبيبنا وملكنا شخص الرب يسوع. لذا أشجعك قبل أن تواصل قراءة هذا المقال أن تفتح كتابك المقدس وتقرأ القصة بالكامل في سفر صموئيل الأول والإصحاح الخامس والعشرين، كما أشجعك أن ترفع قلبك للحظات، وتدعو الرب أن يأتي ويسكب إيمان جديد وفرح جديد وأنت تقرأ باقي هذا المقال...
نعم أيها الرب...تعال بروحك الآن..
املأ وقت القراءة هذا بأجواء حضورك...
أجواء سلطان الملك... لمسات الشفاء والتحرير من الخوف..
لمسات المعجزات وسكيب الإيمان.. بإسم الرب يسوع..

والآن عزيزي القاريء، أحب أن أشاركك بثلاث أبعاد هامة لعلاقتنا مع الرب في هذا العام، من خلال تأملنا في قصة أبيجايل...


أولاً: أبيجايل.. قلب يرى الملك بالإيمان، ولا يتأثر بالعيان..

صديقي، هل لاحظت أن أكثر شيء مميز في قصة أبيجايل، أنها رأت داود ملكًا، قبل أن يكون مُلكه قد استعلن بالفعل!! عندما قابلت أبيجايل داود، قالت له هذه الكلمات: "عندما يصنع الرب لسيدي حسب كل ما تكلم به من الخير من أجلك، ويقيمك رئيسًا على إسرائيل... اذكر أمتك" (١صم٢٥׃ ٣٠). نعم.. أيقنت أبيجايل بقلبها أن داود هو الملك، حتى وإن كان العيان يقول عكس هذا.. وأعلنت بكلماتها ما صدقته بقلبها... وعلى العكس تمامًا كان زوجها نابال، الذي معنى اسمه أحمق، لا يرى إلا العيان، فلم يرى في داود سوى شخص مُطارد (١صم٢٥׃ ١٠،‏١١)..

والآن صديقي... الروح القدس يريد أن يفتح عيوننا في هذا العام، لنرى الملك.. يريد الروح أن يُكحل عيوننا لننظر في وسط أحداث حياتنا، ونرى يسوع ملكًا.. رأت أبيجايل داود ملكًا، فربحت حياتها، وأنقذت كثيرين.. نعم، في رؤية الملك حياة.. في نور وجه الملك حياة (أم١٦׃ ١٥)...

صديقي.. وأنت تحيا أيامك.. بأي عينان ترى؟! أترى بعيني لابان الذي لا يرى إلا العيان؟!! أم ترى بعيني أبيجايل التي تمتليء برؤية الملك؟! لقد امتلأت أبيجايل برؤية داود ملكًا، فاستطاعت أن تعبر العيان وتصدق الآتي... وأنا وأنت.. ألا نمتليء برؤية داود الحقيقي ملكًا، الرب يسوع هو الملك الحقيقي.. الذي رؤيته ملكًا على حياتنا تفتح أجواءنا للإيمان لكي يتدفق، وتفتح أجواءنا للمعجزات كي تحدث بغزارة في وسطنا.. يسوع ملك... نعم وهو رئيس وباديء الإيمان وأيضًا مكمله... رؤيته ملكًا، رغم أي صعاب تجتاز فيها، تجعل الإيمان ينتعش بداخلك... رؤيته ملكًا، تجعل الصعاب والتحديات تظهر على حقيقتها.. صغيرة جدًا أمام الملك القدير.. هلليلويا... يسوع أعطِي اسمًا فوق كل اسم.. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممّن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض.. هلليلويا.. تذوب الجبال قدام الملك.. تتزلزل أساسات السجون أمام جلاله المهوب.. تشفى أصعب الأمراض، وتختفي الأورام أمام سلطان الملك.. يرسل كلمته، فيشفي.. لأن حيث كلمة الملك، فهناك سلطان...

عزيزي القاريء.. لنراه ملكًا... لنتوجه ملكًا بإيمان... لنكون مثل أبيجايل التي رأته بقلبها ملكًا.. صديقي، أيًا كان ما تعبر به.. الروح القدس يرسل لك هذه الكلمات، ليفجر بداخلك صورة وإعلان يسوع الملك.. الروح يريد أن يعطيك معجزتك.. ورؤيتك ليسوع ملكًا، هي مفتاح لمعجزتك ولإنقاذك خلال هذه الأيام...


ثانيًا: لنقدم للملك الهدايا.. لأنه مستحق..

قدمت أبيجايل هدايا لداود لأنها فهمت أنه الملك، مع أنّ مُلكه لم يكن قد استعلن بعد. وقدم المجوس الهدايا ليسوع لأنه الملك، مع أنه كان مُضجعًا في مذود!!... والآن.. أنا وأنت عزيزي القاريء لدينا نفس الفرصة، لنمارس الإيمان ونقدم هدايانا ليسوع وسط أي صعاب نعبر بها، ووسط أي عيان يريد أن يشكك في أنّ يسوع ملك... لنقدم له تسبيحنا.. تسبيح الملك.. لنقدم ثمر شفاه معترفة باسمه (عب ١٣׃‏ ١٥)... لنهتف له أمام الجبال في حياتنا.. ذابت الجبال مثل الشمع قدام الرب قدام سيد الأرض (مز ١٠٧׃ ٢٦).. نعم ونؤمن أن الجبال ستذوب ونحن نسبحه.. نعم ونؤمن أن الرب يحرك ذراعه القديرة، ويصنع عجبًا.. نعم.. نؤمن أنّ في وجه الملك حياة.. وأنّ حياته لنا.. سنسبحه رغم الصعاب.. وسَيُحول كل شيء لخيرنا.. فهو الملك... وهو ملكنا.. عزيزي، سبح الرب.. اعلنه ملكًا.. اعلن أنّ مجده ملء كل الأرض.. مجده سيملأ أرض حياتك.. واعلن أنّ مشيئة الملك ستجري سريعًا في حياتك.. بإسم الرب يسوع..

ثالثًا: أبيجايل.. حياة تفيض بالفرح..

عزيزي القاريء... أسماء الشخصيات في قصتنا لها مغزى هام.. فمثلاً نابال، الذي معنى اسمه حماقة وجهل، تصرف بالفعل مع داود بحماقة! وقالت عنه أبيجايل لداود أنه "كأسمه هكذا هو. نابال اسمه والحماقة عنده." (١صم٢٥׃ ٢٥)..

ولكن عزيزي، هل تعلم أن أبيجايل أيضًا، اسمها يعبر عن شخصيتها وعن نتائج أفعالها الحكيمة التي ترى الأمور الآتية، ولا تعتمد فقط على العيان!!... إن "أبيجايل" اسم يعني في لغته الأصلية "أب للفرح" أو "مصدر للفرح"... وكم كانت أبيجايل بالحق مصدر للفرح لداود!!... أما فرِح داود بمقابلة أبيجايل..! أما فرِح بكلماتها الحكيمة له التي رأته ملكًا، وصدقته وأعلنته ملكًا رغم الظروف المحيطة..! بالتأكيد فَرح داود بأبيجايل، ولهذا بارك الرب الذي أرسلها له، وأيضًا باركها. وبعد تغير ظروفها، طلبها للزواج، وبالفعل صارت عروسًا له.. عروس للملك!!...

عزيزي القاريء... إيماننا يُفرح قلب الرب.. إيماننا يفرح قلب داود الحقيقي.. الرب يسوع.. ملك الملوك، ورب الأرباب... بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه (عب١١׃ ٦)... ولكن بالإيمان نُشبع قلب الرب.. نُفرح الروح الذي يتحرك لأجلنا، فتعمل كل الأشياء معًا للخير.. ويتحرك الروح القدس في حياتنا بقوة.. ويملأنا بثماره.. ويفيض علينا بمواهبه.. ويملأ أجواءنا بمعجزاته، فنفرح أكثر وأكثر.. وفرحنا يُزيد قوتنا، لأن فرح الرب هو قوتنا.. فنسلك بالإيمان في تخوم أوسع.. ونرى الرب ملك لاتساعات أعظم.. ونعلنه ملك.. وبالإيمان نراه يملك... يملك على نفوس أكثر.. يغير بسلطانه أجواء بلادنا.. يصنع بنا شوق قلبه...

نعم عزيزي القاريء... هيا.. هيا.. هيا لنعلنه ملكًا.. هيا لنطرد كل عدم إيمان.. ونمتليء بالثقة أنّ يسوع هو الملك الحقيقي.. هيا لنعلن هذا بكلماتنا.. لتتغير كلمات شفاهنا.. وعوضًا عن الكلمات السلبية، لتخرج كلمات الإيمان.. وتسبيح الإيمان الذي يرى ما لا يَُرى.. هيا لنكون مثل أبيجايل، نتوجه ملكًا.. ونقدم له هدايانا ملكًا.. ننتظره ملكًا.. إلى أن يُخضَع الكلَ له.. هيا ليفرح قلبه بنا.. هيا ليفرح قلب الملك بعروسه المجيدة.. هيا لنكون مثل أبيجايل والخمس فتيات اللاتي أخذتهن معها عند ذهابها كعروس لداود (١صم٢٥׃ ٤٢).. هيا لنكون كالخمس عذارى الحكيمات اللاتي امتلأت أوانيهن بالزيت.. لنُفرح قلب الملك.. ليفرح الملك بنا.. بكنيسته التي اشتراها بدمه.. لنبتهج جدًا جدًا.. لأنه ها هو آتٍ سريعًا.. الملك آتٍ.. لنسمع للصوت الخارج من العرش، كصوت مياه كثيرة ورعود شديدة، يعلن "قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء. لنفرح ونتهلل ونعطيه المجد، لأن عرس الخروف قد جاء وامرأته هيأت نفسها." (رؤ١٩׃‏٧)... هلليويا..

نعم أيها الرب.. أنت هو الملك الحقيقي..
ملك الملوك ورب الأرباب...
المس قلوبنا بسلطانك.. لتصير قلوبنا قلوب ترى الملك..
المس عيوننا، لنراك في كل ظروف حياتنا.. ملكًا متوجًا..
المس أجواء بلادنا بسلطانك.. لتمتلأ أجواءنا بإعلان مُلك يسوع..
وليُرعب تسبيحنا العدو.. فيهرب من أمامنا..
نعم، وليرتفع تسبيحنا: "الملك ببهائه يشرق في وسطنا بمجده.."
يشرق بالشفاء.. بالحرية.. بالغنى..بالمجد..
له المجد في الكنيسة إلى أبد الآبدين.. آمين..
ثروت ماهر/ يناير ٢٠١١

السبت، 1 يناير 2011

عام جديد... لا للخوف !!





عام جديد... لا للخوف!!

 
عام جديد بلا خوف، ننطلق فيه كالأسود..
لنا عيون الإيمان التي ترى السماء مفتوحة...
نعم السماء مفتوحة، والرب سيعظم معنا العمل في هذا العام...
صديقي.. أيًا كانت التحديات التي بدأ بها هذا العام!! اعلن إيمانك معي أنه عام للمجد...
سنرى في هذا العام أعظم بكثير مما رأينا في الأعوام السابقة...
إنه عام لإعلان الإيمان، ورؤية نتائج وثمار هذا الإيمان عظيمة جدًا...
في بداية هذا العام... هيا لنهتف لا للخوف رغم التحديات... ولنهتف لا للخوف أمام التهديدات...
وليزداد تكريسنا للرب يسوع إلهنا المُنتصرالذي يقودنا في موكب نصرته كل حين...

عام جديد.. لا للخوف... رغم التحديات!!

     عزيزي القاريء... هل أنت مُنتبه أن إبليس حينما يُدرك أن الوقت هو وقت لأمور مُمَيزَة من الرب في حياتنا، فإنه يبذل أقصى جهده لإجهاض هذه الأمور المُمَيزَة التي من الرب لحياتنا؟ وهو يحاول جاهدًا أن يفعل هذا مبكرًا، لكي يعطل البركة ويعيقها من بدايتها...

     فمثلاً، يخبرنا سفر الخروج أنه عندما أقترب الوقت ليخرج شعب الله من عبودية أرض مصر, حاول إبليس مُبكرًا جدًا أن يُجهض خطة الرب لخروج الشعب من العبودية. فقد حرك فرعون ليقضي على جميع المواليد الذكور في شعب الله بما فيهم موسى الذي سيصير قائدًا للشعب، لأن إبليس أدرك أنّ وقت حرية الشعب قد اقترب.. وذلك بحسب كلام الرب مع إبراهيم قبل هذا الوقت بأكثر من ثلاث مئة سنة. إذ قال الرب لإبرام: "اعلم يقينًا أن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم ويستعبدون لهم فيذلونهم أربع مئة سنة، ثم الأمة التي يستعبدون لها أنا أدينها وبعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة..." (تك15: 13, 14)...
نعم.. فَهِم العدو أن الوقت قد أقترب لكي يخرج الشعب من العبودية وبأملاك جزيلة... حاول العدو إجهاض خروج الشعب من أرض مصر، لكن مجدًا للرب... مشيئة الرب هي التي ثبتت.. صنع الرب عجبًا. أنقذ الرب الطفل موسى من الموت، وبينما العدو يخطط ويخطط لإعاقة النجاة... استخدم الرب خطط العدو نفسها ليجعل نشأة موسى وتربيته وتعليمه على نفقة فرعون نفسه!! (خر2) وبعد ذلك أكمل الرب اعداد موسى... وقاده ليُخرِج الشعب من أرض مصر بطريقة عظيمة جدًا.. وأجرى الرب أحكامًا بآلهة المصريين (خر12:12) أخرج الشعب بذراع قديرة، وشق أمامه البحر.. وقاده بسحابة ونار... هلليويا..فَشّلَ الرب جميع خطط العدو... لم ينجح العدو في تعطيل خطة الرب لشعبه...

     أيضًا حاول إبليس تكرار نفس الأمر عندما وُلِد الرب يسوع، فنجد هيرودس "أرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون.." (مت2: 16)... بالتأكيد فهم العدو أن الملك قد وُلد.. ملك الملوك ورب الأرباب... وأدرك أن زمن الحرية الحقيقية قد أتى.. وأيضًا في هذه المرة حاول إجهاض خطة الخلاص.. لكن أيضًا مجدًا للرب.. "الساكن في السماوات يضحك، الرب يستهزئ بهم." (مز2: 4). "العدو تم خرابه إلى الأبد." (مز9: 6).. أتم الرب الفداء، وجرد الرياسات والسلاطين، رد لنا السلطان أن نصير أولاد الله... فشلت خطة العدو فشلاً ذريعًا.. صار العدو مهزومًا للأبد..ها..ها.. هليلويا...

     عزيزي القاريء.. إذا كانت بداية هذا العام حملت لك أمورًا صعبة... ضغوطًا من العدو, ضغوطًا روحية أو نفسية... خسائر مادية.. أدعوك في هذا المقال أن تتشدد بالرب... ترى ما لا يُرى.. تفهم وتتأكد أن مشيئة الرب هي أن يُكمل العمل الذي بدأه معك... عزيزي.. رغم التحديات.. لا تخف!! نعم.. أمام التحديات.. لا تخف!! فالخوف هو سلاح العدو؛ الذي يحاول أن يمنعك به من أن تؤمن.. لأن العدو يعلم جيدًا أن الإيمان هو الطريق إلى تحقيق مشيئة الرب الكاملة في حياتك.
في بداية هذا العام الجديد، لا تفقد الإيمان!! اعلن ثقتك في الرب الذي يحول كل الأمور لخيرك.
افهم أن العدو يهيج هذه التحديات لكي يفقدك مشيئة الرب الصالحة جدًا لهذا العام!!..
صديقي، تذكر!! إلهنا صانع عجائب.. إلهنا هو الجاعل في البحر طريقًا، وفي المياه القوية مسلكًا (إش43: 16)... هلليويا...

 عام جديد.. لا للخوف... أمام التهديدات!!

     يحكي لنا سفر الملوك الثاني قصة سنحاريب ملك أشور الذي أرسل يُهدد حزقيا ملك يهوذا وجميع مملكة يهوذا.. قائلاً لهم أنهم لابد أن يستسلموا أمامه لأن الله غير قادر على الدفاع عنهم... كرر سنحاريب تهديداته عدة مرات.. ووجه كلماته لشعب يهوذا قائلاً لهم: "لا تسمعوا لحزقيا(ملك يهوذا) لأنه يغركم قائلاً: الرب ينقذنا" (2مل18: 32) كما وجه هذا الملك المُتكَبِر كلماته إلى الملك حزقيا قائلاً له: "لا يخدعك إلهك الذي أنت متكل عليه قائلاً: لا تُدفع أورشليم إلى يد ملك أشور. إنك قد سمعت ما فعل ملوك أشور بجميع الأراضي لإهلاكها، وهل تنجو أنت؟ هل أنقذت آلهة الأمم هؤلاء الذين أهلكهم آبائي..." (2مل19: 10- 12)
حاول سنحاريب ملك أشور أن يخيف شعب الرب وحزقيا ملك يهوذا بكلمات مثل هذه... بالفعل كان ملوك أشور قد انتصروا على شعوب وثنية أخرى، وحاول سنحاريب أن يوهم حزقيا ملك يهوذا بأنه كما أن آلهة الأمم لم تستطع أن توقف الهجوم الأشوري.. فإنه هكذا الرب إله يهوذا لن يستطع أن يدافع عن شعبه!!

     صديقي... هل يحاول العدو في بداية هذا العام أن يخيفك بتهديدات؟!! هل يقول لك أن إلهك قد تأخر؟!! هل يردد في أذنك أن الرب لن يتمم وعوده.. هل يحاول أن يقنعك بأنك ضعيف جدًا ولن تستطيع الصمود في هذا العام الجديد؟!! صديقي..قد تكون منتظرًا لأمور من الرب، تعلم جيدًا أنها لك من الرب، تعلم جيدًا أنها ميراثك من الرب بحسب المكتوب... قد تكون منتظرًا لشفاء أو لحرية كاملة.. لتسديد للاحتياجات...أو منتظرًا لعلاقات بحسب قلب الرب.. أو لخدمة قوية ممتلئة بالآيات والعجائب.. أو لاستخدام قوي يأتي بثمر ونفوس للملكوت... وقد تكون عزيزي رغم انتظارك لهذه الأمور في العام الماضي, لم ترى تحقيقها، أو رأيته بصورة جزئية.. صديقي... لا تخشى العدو...اطرد المخاوف التي تهاجمك... اطرد الأصوات التي تحاول أن توهمك أن الرب تأخر.. كلا.. كلا.. الرب لا ولن يتأخر... قل له أيها العدو أنت كاذب.. أيها العدو أنت ضعيف جدًا ولن تقوى عليّ.. الرب الذي فيَّ هو الإله المنتصر الذي سحقك.. هيا صديقي.. اعلن انتصار الصليب في وجه العدو في بداية هذا العام.. اعلن دم العهد الذي يرعب مملكة الظلمة.. هيا اهتف معي بهذه الكلمات التي أعلنها الرب ليرد بها على تهديدات سنحاريب...

     انظر معي ماذا كان رد الرب على سنحاريب الملك المتكبر...
"هكذا قال الرب إله إسرائيل... من جهة سنحاريب ملك أشور... احتقرتك واستهزأت بك العذراء ابنة صهيون... مَن عيرت وجدفت؟ وعلى مَن عليت صوتًا؟...أضع خزامتي في أنفك ولجامي في شفتيك، وأردك في الطريق الذي جئت فيه..." (2مل19: 20- 22, 28)
نعم لقد أعلن الرب بكل قوة ووضوح.. أن العدو مهزوم.. لا ليس مهزوم فقط.. بل ومُستَهزأ به.. ومَن الذي يستهزيء به!! إنها عذراء.. نعم ليس فقط الرجال الأقوياء في الشعب, بل أي عذراء في الشعب, عوضًا عن النظر إليها على أنها مستضعَفَة.. تقف في وجه العدو وتستهزيء به.. لكن انتبه صديقي!! إنها العذراء إبنة صهيون.. وصهيون ترمز لحضور الرب.. يرتعب العدو من حضور الرب حتى في أضعف أفراد شعب الرب..!! هليلويا..

     صديقي.. وأنت في بداية هذا العام الجديد.. لا تبدأ بأي انطباعات سلبية... لا تبدأ بأي خوف.. لا تسمح للعدو أن يسلب إيمانك ويخدعك.. قد يحاول إبليس أن يخيفك من الاتكال على الرب، ويحاول أن يستخدم هذا الخوف لكي يجعلك تتخذ قرارات خاطئة مُندفعًا بتأثير مخاوف وهمية...قف أمام العدو.. واجهه بالحق... اذهب إليه واثقًا في حضور الله الذي يرعبه... قل له إلهي سيأتي في الموعد الصحيح... صديقي... لا أعرف كم طال انتظارك! ولا أعرف ما هي التهديدات التي يضغط بها إبليس عليك! ولا أعرف حتى في أي مكان من العالم أنت!! لكن صديقي.. أعرف أمرًا مؤكدًا... أن الرب لا يريدك أن تخاف... لا يريد الرب لنا أن نعبر إلى عام جديد، ونبدأه بالخوف... وكما قلت لك، حتى لو كنت قد تعرضت في الأيام الماضية لخسائر معينة.. ولو كان العدو قد حاول أن يخيفك بأمراض.. أو يهاجمك بمشاكل عائلية غير مُتوقعة!! صديقي.. لا تخشى العدو... هذه محاولات من العدو لتعطيلك... محاولات ليجعلك تبدأ عام جديد وأنت مُحبط... العدو يعلم جيدًا أن البدايات هامة... لذا يحاول أن يُفَشلك في بداية العام، لكي لا تبدأ بقوة... صديقي نحن لا نجهل أفكار العدو(2كو2: 11) ... لنقف بقوة في هذه الأيام رافعين رايات الرب... معلنين أننا لن نطرح ثفتنا... صارخين في وجه العدو بجسارة أن انتظارننا لإلهنا سيستمر ولن نخشى التهديدات... نعم سنظل منتظرين للرب.. فرحين.. مسبحين.. واثقين أنه لا يتأخر.. سننتهر كل كلمات عدم إيمان.. سنأمر كل أرواح شريرة تهاجمنا بأن ترحل، باسم الرب يسوع..

          صديقي.. لاتخف.. لا تتراجع.. لا تدخل العام الجديد وأنت غير متوقع لمعجزات الرب.. توقع معجزات الرب..  انظر صديقي ما الذي حدث في قصتنا التي نتأمل فيها؟؟ حدثت معجزة.. تدخل إلهي عظيم جدًا... اقرأ معي هذه الكلمات التي يخبرنا بها كتابنا المقدس العظيم: "لذلك قال الرب عن أشور: لا يدخل هذه المدينة (أورشليم)، ولا يرمي هناك سهمًا، ولا يتقدم عليها بترس، ولا يقيم عليها مترسة. في الطريق الذي جاء فيه يرجع، وإلى هذه المدينة لا يدخل، يقول الرب. وأحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي ومن أجل داود عبدي. وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفًا. ولما بكروا صباحًا إذ هم جميعًا جثث ميتة.." (2مل19: 32 -35)

     نعم قارئي العزيز... أصدر الرب أوامر ضد تهديدات العدو.. العدو قال سأدخل المدينة، والرب أصدر أوامره أن سنحاريب لن يقترب من أورشليم.. بل سيرجع من حيث أتى!! هليلويا.. بل أكثر من هذا.. لقد خرج ملاك الرب وقتل في هذه الليلة مئة ألف وخمسة وثمانين ألفًا.. وعندما نتابع باقي القصة في سفر الملوك الثاني نجد أن سنحاريب نفسه قد قُتل بيد أبنائه ومات..
صديقي.. لا تخشى تهديدات العدو... يحاول إبليس أن يزأر في بداية العام زئيرًا مزيفًا.. العدو مهزوم.. مكتوب: "اخضعوا لله. قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع4: 7)... "وإله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا" (رو16: 20).. سيتدخل الرب سريعًا ليؤكد لك أن ثقتك فيه لها مجازاة عظيمة... وأنه هو الرب الإله سيد الأرض كلها الذي لا يخزى منتظروه (إش94: 23). هليلويا..

عام جديد.. سيزداد تكريسنا لرب الحياة...

     صديقي.. في نهاية هذا المقال, أود أن أهمس في أذنك بهذه الكلمات...
نعم.. سنعلن لا للخوف رغم التحديات.. ولا للخوف أمام التهديدات.. ولكننا أيضًا لابد أن ندرك أن مشيئة الرب لحياتنا في هذا العام، لا فقط أن يكمل ما يصنعه معنا.. لكن أيضًا أن يكمل ما يصنعه فينا..
في هذا العام الجديد...يدعونا الرب لعمق جديد في العلاقة معه.. يشتاق الرب لنفوس مُكرسة بالكامل.. يشتاق لنفوس تمتليء بقوته, فتذهب لتعلن ملكوته ممتلئة بقوة الروح القدس... تذهب وفي ذهابها ترتعب مملكة الظلمة وتهتز اهتزازًا عنيفًا... صديقي.. هل تشتاق معي لنفوس جديدة كثيرة جدًا تولد بالروح في هذا العام.. ولنفوس كثيرة جدًا تمتليء بالروح.. لكي نرى هذا، نحتاج أنا وأنت أن نأتي للرب في بداية هذا العام, مجديين تكريسنا للرب.. مصلين أن يزداد تكريسنا واقترابنا من الرب، هيا معًا نعلن له عن حبنا بأوقات صلاة طويلة جدًا نقضيها معه في هذا العام مصلين بكل طلبة في الروح.. هيا نعلن له عن حبنا باجتهادنا.. هيا لنجتهد في الحب.. نخدمه بكل قلوبنا.. مكرسين بالكامل.. مشاعرنا مُكرسة.. أفكارنا مُكرسة.. أجسادنا مُكرسة.. هيا لنحيا في هذا العام شهادة حية عنه.. عن مَن أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا..
والآن.. أحب أن أذكرك صديقي. أيًا كانت التحديات التي بدأ بها هذا العام!! اعلن إيمانك أنك ستعيش مكرسًا أكثر وأكثر لمجد الرب.. وأنّ الرب سيصنع فينا، وبنا، ولنا في هذا العام أعظم بكثير مما نطلب أو نفتكر.

سيدي الرب... أشكرك لأجل كلماتك التي تشجعني بها..
نعم.. سأرى في هذا العام أعظم..
السماء مفتوحة.. وأنت معي بكل حبك وقوتك..
أبي السماوي.. آتي إليك بكل ما يحاول العدو أن يخيفني به..
أيضًا..آتي إليك بكل ضعفي.. أطلب حضورك..
أحتاج حضورك جدًا.. لتمليء بحضورك كل يوم من أيام هذا العام..
أسلم نفسي بين يديك.. أعيد تكريسي لك..
أضع نفسي على المذبح مرة أخرى.. مبتهجًا جدَا لأنك تقبلني في الدم الثمين..
مبتهجًا جدًا.. لأن دم العهد يعلن حريتي الكاملة..
يعلن تقديسي.. واستخدامي.. ويعلن أني مثمر فيك ولك..
كما أن دم العهد يعلن أن العدو مهزوم..
أن إبليس تحت أقدامنا ولن يقوى علينا..
كل محاولات العدو للفشل.. وسيعظم الرب العمل معنا.. هلليويا..

ثروت ماهر