الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

قوة للاستمرار


قوة للاستمرار....

صديقي.. ليس هذا وقتًا لتستسلم للإرهاق!! ليس وقتًا للإرهاق!!
إنه وقت لتستمر... إنه وقت للاستمرار!!
وحضور الرب يعطي قوة للاستمرار ...
     عزيزي القاريء... هذه هي الكلمات التي تملأني... حاولت أن أصيغها لك بعد مقدمة ما.. ولكني وجدتها بداخلي أقوى من أي مقدمة!!
صديقي.. قد تكون مُنهكًا.. قد تشعر بالإرهاق.. قد تكون مرهقًا بسبب ضعف ما في حياتك، قاومته كثيرًا، لكنك لم تتحرر منه بعد.. أو قد تكون مرهقًا من الانتظار.. أعطاك الرب وعود في بداية هذا العام، وأوشك العام على الانتهاء، ولكنك لم ترى تحقيق الوعود حتى الآن.. أو قد تكون عزيزي وحيدًا أو خائفًا، ولا تجد بداخلك قوة للاستمرار في مقاومة العدو وانتظار الرب بإيمان.. بل قد تكون خادمًا ولكنك تشعر أنك معيي وأن طاقتك الروحية أوشكت على النفاذ!!
صديقي.. أريد أن أشجعك.. الرب لم ولن يتركك.. الرب آت لك اليوم بهذه الكلمات كي يعطيك قوة جديدة للاستمرار.. اسمع معي هذه الكلمات العظيمة جدًا : "...منتظرو الرب يجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون..." (إش40: 31)
هليلويا.. نركض، نجري بسرعة شديدة، ولا نتعب! نمشي ونستمر ولا نعيي!! نستمر... نعم نستمر...
الاستمرار.. مفتاح هام جدًا للنصرة في الحياة الروحية، ولرؤية الوعود وهي تتحقق. مفتاح هام جدًا لابد أن يعرف كيف يمتلكه كل ابن للرب يريد أن يرى مجد الرب، ويريد أن يرى ثمارًا مضاعفة في حياته الشخصية وفي خدمته.

     ولكن كيف نستطيع الاستمرار رغم التعب والإرهاق!؟ أين نجد القوة للاستمرار؟؟
من أين لنا بهذا المفتاح.. الاستمرار؟!
عزيزي... إن مفتاح الاستمرار لا يمكنك أن تجده إلا في حضور الرب... سر الاستمرار في الإيمان وفي مقاومة العدو بإصرار، هو حضور الرب الذي يملأ حياتك، حضور الرب الذي يجدد قواك...اسمع معي ماذا يقول كاتب المزمور: "ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض" (مز104: 30) نعم هو حضور الرب الذي يجدد حيويتك، ويملأك بالطاقة اللازمة للاستمرار... إن كان الاستمرار هو أحد أهم مفاتيح الحياة الروحية القوية... فإن حضور الرب هو المكان الوحيد الذي يمكنك أن تجد فيه مفتاح الاستمرار الحقيقي... حضور الرب هو القوة اللازمة لك للاستمرار...
      لذا عزيزي القاريء... سوف أحدثك في هذا المقال من خلال مثالين من الكتاب المقدس. واحد من العهد القديم، وواحد من العهد الجديد. موقفان سنرى فيهما قوة الاستمرار.. الاستمرار الذي يتحدى العدو.. الاستمرار الذي يرى وعود الرب وهي تتحقق.. وسنرى صديقي  كيف أن مفتاح الاستمرار كان دائمًا يَكمُن في حضور الرب... لكن صديقي قبل أن تكمل القراءة، أرجوك أن ترفع قلبك معي لنطلب معًا حضور الرب ليرافق الكلمات..
أبي السماوي... كم أحتاجك
كم أحتاج لحضورك... لحضور روحك
روح الحكمة و الاعلان (أف1: 17)... روح القوة (2تي1: 7)
لترافقني في القراءة... لتحول كل ضعف فيَّ إلى قوة...أحبك يا رب يا قوتي. (مز18: 1)

أولاً: حضور الرب...
قوة للاستمرار حينما تطول مسيرة الإيمان.. ولا ترى نتائج سريعة!!

     "هل سيظل هؤلاء القوم يدورون هكذا حول أسوار مدينتنا كل يوم ؟! وما بالهم يُبوقون بهذه الأبواق؟!" هكذا تساءل أحد حراس أسوار مدينة أريحا، وهو يراقب هذا المشهد الفريد الذي ظل يتكرر لعدة أيام...
أجابه حارس آخر: "إنَّ اليوم هو اليوم السابع لدورانهم هذا... الأيام الستة السابقة داروا في كل يوم دورة واحدة, أما اليوم فهم مُستمِرون في الدوران ... ها هم يوشكون على الانتهاء من الطواف للمرة السابعة.. هل تظن أنه ينبغي علينا أن نُبلغ القيادة ؟" استعد الحارس الأول للإجابة على سؤال زميله... و لكنه، فجأة، وجد صوت كلماته يضيع وسط دوي هتاف علا فجأة كالرعد.. إن الشعب الطائف حول الأسوار يهتف معًا بصوتٍ واحد..!! "ما هذا الذي يحدث؟؟! إن الأسوار تهتز بنا!!" هكذا صرخ الحراس الذين تدافعوا في رعب بدون تفكير لينجوا بحياتهم... الأسوار الشامخة تهتز اهتزازًا عنيفًا!! لا..إنها لا تهتز فقط.. إنها تسقط.. الأسوار تسقط في مكانها!! سقطت أسوار أريحا الحصينة (التي كانت حصينة!!) أمام هتاف شعب الرب...

    عزيزي... إن هذا المشهد الذي تخيلته لك... هو مشهد يذكرنا جميعًا بحادثة سقوط أسوار أريحا... هذه الواقعة التي نعرف تفاصيلها من سفر يشوع و الإصحاح السادس... و يعلق كاتب العبرانيين بالروح القدس عليها قائلاً: "بالإيمان سقطت أسوار أريحا بعدما طيف حولها سبعة أيام.." (عب11: 30)
هل انتبهت عزيزي لحرص الروح القدس على أن يُذَكِرنا أن الأسوار سقطت "بعدما طيف حولها سبعة أيام" ؟
بالطبع إن "الإيمان" كان هو المفتاح في سقوط الأسوار... ولكن هل انتبهت أن مفتاح الإيمان لازمه مفتاح آخر هنا، وهو مفتاح الاستمرار في الدوران؟؟
تخيل معي الشعب يدور ويدور، ولم يحدث شيء !! دورة وراء دورة، ولم يحدث شيء...حتى لم تهتز الأسوار!! ولكنهم استمروا يدورون بدون يأس.. يضربون بالأبواق أمام تابوت عهد الرب.. وفجأة هتفوا فسقطت الأسوار!!

     صديقي... هل تعبت من الدوران حول أسوارٍ ما في حياتك؟ هل قاومت خطيةً ما أو ضعفًا ما كثيرًا، ولكنك تجده مرة أخرى في حياتك... تذكر صديقي... الاستمرار مفتاح هام... استمر مقاومًا للضعف... استمر مقاومًا للخطية... لا..لا تصدق كلمات العدو التي تقول لك..لن تنجح.. لا تصدقه إنه كاذب.. قل له انتهرك يا عدو الخير.. سأستمر وسيسقط كل ما تحاول بناءه في حياتي.. عزيزي القاريء..هل لفت انتباهك من قبل أن أحد الأسماء التي أُطلقت على إبليس هي "بعلزبوب" (2مل1: 2) وماذا يعني هذا الاسم؟! إنه يعني سيد الذباب!! إبليس يعرف قوة الاستمرار، لذا في مرات، يستمر في إرسال أرواحه الشريرة بنفس الأمر مرة تلو الأخرى، مثل الذباب الذي تقاومه، فيعود مرة أخرى.. لكن صديقي لا تخشى محاولات العدو المتكررة.. قاومه بإيمان مرة تلو الأخرى.. في كل مرة يأتي و تقاومه، سيهرب من أمامك.. قاوموا إبليس فيهرب منكم (يع4: 7)..
استمرارك سيفوق و يغلب استمرار العدو.. وإله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا (رو16: 20)
وفي كل مرة، صديقي، يأتي العدو وتقاومه.. أنت تُضعِف قوته.. هليلويا.. إلى أن تتحرر بالكامل، استمر صديقي في تعظيم الرب.. سقطت أسوار أريحا عندما استمر الشعب في الدوران... وأنت أيضًا ستسقط الأسوار التي تمنع حريتك، عندما تستمر في الدوران والهتاف حولها بإيمان..

     لكن هل لاحظت صديقي أن الشعب استمر في الدوران حول الأسوار في حضور الرب.. نعم فتابوت الرب هو رمز لحضور الرب في وسط شعبه.. لقد استمر الشعب في الدوران لأن حضور الرب كان يرافقهم.. في كل مرة ينظرون إلى التابوت، يتذكرون العجائب التي صنعها الرب معهم ومع آبائهم.. فيرتفع إيمانهم, وتتجدد قوتهم للاستمرار.. صديقي.. إن كنت مرهقًا من مسيرة إيمان.. لك شهور تدور وتدور حول الأسوار.. وتشعر أنك قد أرهقت.. تذكر.. ليس هذا وقتًا لتستسلم للإرهاق.. إنه وقت للاستمرار... وأنت تحتاج لحضور الرب لكي تتجدد قوتك للاستمرار..لذا أدعوك تعال إلى الرب الآن.. قل له:
أيها الآب السماوي.. أنا مُجهَد من الدوران حول الأسوار..
ولكني أريد أن أستمر.. أطلب حضورك الذي يغمرني..
يعطيني قوة للاستمرار إلى أن أرى الأسوار وهي تنهار أمامي.. أرى الأسوار وهي تنهار أمام حضورك..
إلمسني بسلطان روحك, لتجدد قوتي وإصراري على الحرية..
لأستمر مقاومًا متمسكًا بقوة حضورك معي دائمًا..بإسم إبنك يسوع..

ثانيًا: حضور الرب...
قوة للاستمرار حينما تكون وحيدًا.. والعدو يضغط عليك ليخيفك!!

     عزيزي القاريء.. تكلمنا في المثال السابق عن الاستمرار رغم طول المسيرة... والآن أريد أن أحدثك عن الاستمرار رغم الوحدة.. أن تستمر حتى حينما تكون وحيدًا، والعدو يحاول أن يخيفك!!

     اسمع معي هذه الكلمات التي كتبها الرسول العظيم بولس، في الرسالة الثانية إلى تلميذه تيموثاوس، وهي آخر رسالة كتبها الرسول من سجنه قبل استشهاده..
يقول الرسول بولس: "...في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي، بل الجميع تركوني. لا يُحسب عليهم. ولكن الرب وقف معي وقواني، لكي تتم بي الكرازة، ويسمع جميع الأمم، فأنقذت من فم الأسد. وسينقذني الرب من كل عمل رديء ويخلصني لملكوته السماوي. الذي له المجد إلى دهر الدهور. آمين..." (2تي4: 16 - 18)

     صديقي.. هل تعرف أن الرسول بولس حينما كتب كلمات هذه الرسالة كان يمر بوقت من أصعب أوقات حياته!! يقول الدارسون أن الرسول كان مسجونًا في سجن يدعى "مامرتين" ولم يكن مسجونًا عاديًا.. بل لقد وضعوه في زنزانة تنخفض عن سطح الأرض بنحو اثني عشر قدمًا، تفوح من رطوبتها الروائح الكريهة.. كان مُتهمًا بتهم عديدة، لُفِقَت بالطبع له. في وقت أُلصِقَت بالمسيحيين تهمة إحراق روما، فكان يُقبض عليهم ويتم إعدامهم بأقسى الطرق.. وكان يُنظَر إلى بولس على أنه زعيم المسيحيين في روما!! كما يَتفِق الكثير من الدارسين على أن الاحتجاج الأول، أي المحاكمة الأولى، التي يتكلم عنها بولس هنا، كانت أمام نيرون شخصيًا، هذا الامبراطور القاسي الذي لا يعرف الرحمة. ويرى البعض في كلمات بولس "أنقدت من فم الأسد" تلميحًا لهذا!!

    ولكن صديقي..هل تتخيل أنَّ في وسط كل هذه الآلام الشديدة، وهذه الظروف المخيفة.. أيضًا لم يجد الرسول  بولس أي شخص يقف معه!! وهو الذي كرز لكثيرين, وتتلمذ على يده كثيرين.. نسمعه يقول: "الجميع تركوني" (2تي4: 16) وأيضًا يقول: "جميع الذين في آسيا ارتدوا عني" (2تي1: 15)
لكن صديقي.. يا لقوة عمل الروح القدس.. هذا الأسير الوحيد المُقَيد بسلاسل (2تي1: 16) المسجون في زنزانة كئيبة.. لم يكن مكتئبًا!! ولم يكن خائفًا!! بل كان فرحًا !! واثقًا !!.. لم يكن يائسًا، غير قادر على الاستمرار.. بل كان مُتشجعًا، ويشجع آخرين.. اسمعه وهو يقول لتيموثاوس في نفس الرسالة: "لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تي1: 7).. لم يفقد بولس قدرته على الاستمرار في خدمة الرب.. بل على العكس لقد استمر وبقوة!! استمر يكرز حتى في وقت محاكمته!! استمر يتابع تلميذه تيموثاوس بالرسائل حتى وهو في السجن، ويشجعه على الكرازة والشهادة (2تي1: 8) ويحثه على الثبات (2تي3: 14)
لم يخف بولس!! لم يخشى من كل هيجان العدو رغم وحدته!!.. يقول : "أنقذت من فم الأسد.. و سينقذني الرب".. الرسول بولس لا يخشى الأسود المزيفة.. فهو يعلم يقينًا أن معه الأسد الحقيقي الغالب "الذي من سبط يهوذا" (رؤ5:5) نجده يقول بكل ثقة: "لأنني عالم بمَن آمنت، وموقنٌ أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم" (2تي1: 12) يا لقوة الإيمان!! يا لروعة الاستمرار الذي يهزم العدو ومحاولاته بالضغط سواء بالوحدة أو بالتخويف!!

     كيف استمر بولس؟؟ أين وجد هذه القوة للاستمرار مع كونه وحيدًا؟! كيف لم يخش؟!
الاجابة نجدها في كلماته!!..في وسط الكلمات التي كتبها تلمع أمامنا هذه الكلمات الذهبية...
"الرب وقف معي و قواني"(2تي4: 17)
حضور الرب.. نعم حضور الرب صديقي.. هو القوة التي دفعت الرسول بولس للاستمرار.. الرب وقف معه وقواه.. في الوقت الذي تركه الجميع, لم يتركه الرب.. في الوقت الذي يقول فيه المنطق الطبيعي أن بولس لابد أن يتوقف، فإنه مسجون و مقيد بسلاسل.. يقف منطق الروح ليقول: "كلمة الله لا تُقَيَد" (2تي2: 9)
وجد بولس القوة للاستمرار نتيجة حضور الرب معه. وأنت صديقي، إذا كنت تجد نفسك غير قادر على الاستمرار لأنك تشعر بأنك وحيد.. أنت تحتاج إلى حضور الرب.. ليست قوة الاستمرار في معونات الناس.. قوة الاستمرار في حضور الرب.. آه أيها الرب.. كم أشتاق لحضورك معي!! حضورك الذي يرفعني فوق الوحدة!! حضورك الذي يرفعني فوق الخوف!! حضورك الذي يعطني القوة للاستمرار حتى وإن كنت وحيدًا.. قد تكون عزيزي وحيدًا.. قد تكون وحيدًا في إيمانك بالرب في وسط عائلة لا تعرف الرب.. بل قد تكون وحيدًا في وسط مجتمع كامل أو مدينة لا تعرف الرب يسوع المخلص!! قد يكون العدو محاولاً باستمرار أن يخيفك!! محاولاً باستمرار أن يرمي على ذهنك مشاهد تجعلك قلقًا، أو أحلامًا مزعجة ليرعبك!! وقد ترى حولك أشياء تحدث لتزيد قلقك!! كيف تستمر في وسط كل هذا، ورغم الوحدة؟؟ أطلب حضور الرب.. حضور الرب الذي يحررك من الخوف.. ينعشك.. يشجعك.. يجعلك تتهلل مع بولس قائلاً: " أنقذت من فم الأسد. وسينقذني الرب من كل عمل رديء ويخلصني لملكوته السماوي."..
نعم الرب يرسل لك هذه الكلمات الآن، لكي يشجعك على الاستمرار... يملأك بالروح القدس وأنت تقرأ هذه الكلمات.. فتطرد كل خوف، وترفض كل احساس بالوحدة.. قل معي "سأستمر.. نعم سأستمر.. بإسم الرب يسوع الأسد الحقيقي.. أطرد كل مخاوف و كل رثاء للنفس بسبب الوحدة.. الرب معي ليقويني..."

     وأنت عزيزي يا مَن تخدم الرب و تشعر أن طاقتك الروحية تنفُذ.. هيا.. هيا إلى لقاء مع الرب.. هيا إلى لقاء مع حضور الرب الذي يجدد الطاقة.. حضور الرب الذي يعطينا جميعًا قوة للاستمرار.
هيا.. اعترف للرب بضعفك...اطلب منه أن يأتي بحضوره الحقيقي إليك.. اشبع بحضوره، وستجد المسحة تتدفق إلى حياتك... تعطيك قوة للاستمرار...هليلويا..

سيدي الرب... كم أحب حضورك...
في حضورك أستطيع أن أهتف بكل ثقة
"حينما أنا ضعيف.. فحينئذ أنا قوي".. (2كو12: 10)
حضورك كفايتي.. شبعي.. قوتي..
أبي السماوي.. أحتاج قوة للاستمرار.. أراك معي.. تجدد قوتي.. تجدد شبابي..
كم أحتاجك سيدي.. كم أحبك سيدي..
حينما أنظر إلى الأسوار العالية.. لا أخاف !!
نعم.. لا ولن أخاف..
رب الجنود معي.. سأستمر في الدوران.. وستُهدَم الأسوار..
إذا حاول العدو أن يخيفني.. لن أخاف..
فالرب معي... الرب يقف معي ويقويني..
حتى إذا كنت وحيدًا.. لا أخاف..
الرب لي أعظم رفيق...
الأسد الغالب الخارج من سبط يهوذا...
يزأر.. يزمجر..
صوته يملأني بالإصرار.. بقوة الاستمرار...
لا.. للخوف...لا... للتراجع
هليلويا.. يعظم انتصارنا بالذي أحبنا...
ثروت ماهر




الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

لا يخزون في زمن السوء !!


لا يُخزَون في زمن السّوء...

      لقد ارتفعت الأسعار بطريقة جنونية!!! أين القمح؟!!!   أين الدقيق؟!!  
ما هذه السلع الغريبة الموجودة في السوق؟!!   كيف نستطيع أن نعيش وسط هذه الظروف الصعبة؟!!
تساؤلات... تساؤلات... تساؤلات...
ولكن عزيزي القاريء ... انتبه... فهذه التساؤلات على الرغم من تشابهها مع ما نسمعه اليوم، إلا أني لا أنقلها لك من الواقع الحالي أو من عناوين أحد الصحف اليومية..!! ولكني أنقلها لك من وسط أحداث و ظروف، تبعد عن يومنا الحالي بحوالي 2850 سنة!!!
      فهناك في السامرة، أحد المدن الأساسية في الجزء الشمالي من مملكة إسرائيل، والعام بالتقريب هو 850 قبل الميلاد... المدينة محاصرة من الآراميين بقيادة بنهدد الملك الآرامي، الذي قطع كل الامدادات الغذائية عن السامرة مما تسبب في مجاعة ثقيلة جدًا...

     ووسط هذه المجاعة، نزل الملك يهورام ملك إسرائيل ليرى الأحوال في السوق، وقد هالّه ما رآه وسمعه... فها هو  أحد الباعة في السوق ينادي على بضاعته.... هيا هيا... رأس الحمار بثمانين من الفضة... رأس الحمار بثمانين من الفضة..!! وها هو صوت بائع آخر....هيا هيا... قاب زبل الحمام بعشرين من الفضة و ربع القاب بخمس من الفضة!!.. ( القاب يساوي 1.2 لتر بينما وزنة الفضة تساوي حوالي 10 -12 جرام و تسمى شاقل ).
إرتاع الملك مما يسمعه... ما هذه الأشياء التي تُباع ؟! وما هذه الأسعار ؟! ألهذا الحد وصلت المجاعة بين الشعب؟؟
وبينما هو غارقًا في أفكاره، إذ بامرأة تأتي إليه صارخةً له أن يخلصها وينصفها من ظلم امرأة أخرى، وإذ تساءل الملك عن الأمر، علم أن السيدتين كان بينهما اتفاق أن يطبخا ابن الأولى ليأكلاه بالأمس، على أن يطبخا ابن الثانية ويأكلاه اليوم !!! وقد سلقتا بالفعل ابن السيدة التي تصرخ إلى الملك وأكلتاه بالأمس !!! والمرأة الأولى صارخة إلى الملك الآن لأن المرأة الأخرى ترفض أن تعطي إبنها ليؤكل اليوم !!!.... ولما سمع الملك هذا الكلام مزق ثيابه....

       نعم عزيزي القاريء ... إلى هذا الحد وصلت الظروف الصعبة في هذا الوقت !! تم حصار المدينة وتعاظمت المجاعة إلى هذه الدرجة !!! حتى أن الملك استشاط غضبه على أليشع رجل الله، إذ كان أليشع يحاول أن يجعله يثق في الله لفك الأزمات. وإذ رأى الملك هذه الأحوال الصعبة ظن أن أليشع يخدعه، وظن أن الله يرسل الشر ولا يستطيع أن يتدخل وينقذ شعبه، وقرر أن يقطع رأس أليشع ويتوقف عن انتظار الله...
     
     ولكن.... انتظر قارئي العزيز... هل أرهقتك هذه الصورة القاتمة.. مهلاً.. ليست هذه كل الصورة..!!
فوسط هذه الأحوال الصعبة، الله ليس صامتًا... الله يرى و يدبر خلاصًا لشعبه.. يهوه القدير رب السماء والأرض يرى الاحتياج ويسدد بطرق معجزية... جاء النبأ إلى أليشع النبي أن الملك يريد قتله، ولكن أليشع لم يرتعب من هذا النبأ، إذ كان يحمل نبأ آخر، فقد أجاب بكلمات تحمل أخبارًا طيبة وإن ظهرت وكأنها جنون في هذا الوقت ... قال أليشع النبي: "في مثل هذا الوقت غدًا تكون كيلة الدقيق بشاقل، و كيلتا الشعير بشاقل في باب السامرة" 2مل7: 1 ( الكيل يساوي 7.3 لتر تقريبًا)
نعم... هذا ما أعلنه الله لأليشع، على الرغم من صعوبته... ففي الوقت الذي كان ربع قاب زبل الحمام يباع بخمس من الفضة ( أي أن ثلث لتر من زبل الحمام ثمنه حوالي خمسين جرامًا من الفضة ) قال له الله أن غدًا ستكون كيلة الدقيق بشاقل (أي أن السبع لترات و ثلث من الدقيق سيكون ثمنها عشر جرامات فقط من الفضة) وكيلتا الشعير بشاقل (أي أن حوالي 14.5 لترًا من الشعير سيكون ثمنها أيضًا عشر جرامات من الفضة).
هل يمكن تصديق هذا ؟! في وسط هذا الواقع و هذه المجاعة؟! و كيف سيكون ؟! هل سيفتح الله السماء ويمطر دقيقًا و شعيرًا ؟؟ هكذا تساءل أحد جنود الملك متهكمًا..
ولكن صديقي... لم يفعل الله هذا، مع أنه كان يستطيع إذا أراد، ولكن حدثت أحداث عجيبة جدًا سنعرفها بعد قليل... ولكن قبل أن نعرفها أريد أن أهمس في أذنك بكلمات قليلة...

     هل تشعر صديقي أنك في زمن يشبه هذا الزمن السيء الذي تدور أحداث قصتنا فيه؟؟ هل تسمع كل يوم أخبار سيئة تقول أن الأسعار في ازدياد مستمر وأن سعر القمح ارتفع ارتفاعًا عالميًا؟؟
هل أنت في طريقك للارتباط و تتسائل كيف تستطيع أن تجد مكانًا للسكن، وسط ارتفاع أسعار العقارات الذي هو بسبب ارتفاع أسعار خامات البناء الذي هو بسبب الارتفاع العالمي لأسعار البترول الذي هو بسبب .... و بسبب.... وبسبب...
هل أنت أب و تفكر في مستقبل أطفالك، كيف سيكون في وسط هذا الغلاء ؟ هل تفكر كيف تستطيع أن تلحقهم بمدارس و تدفع مصروفاتهم و تدبر احتياجاتهم ؟ هل تئن بداخلك و تخاف في بعض الأوقات و تتساءل ؟؟ هل تحسب فواتير الكهرباء و الغاز و التليفون و طعام الشهر و... و... و.... و تتساءل إذا كان دخلك سيسدد كل هذا أم لا...؟؟
صديقي... عندي لك أخبار طيبة... تستطيع أن تُدخِل الله معك في الحساب.... فهو وعد بأن يسد كل احتياجاتك.....

     اطمئن صديقي... فإن الله يعرف احتياجاتك... اطمئن فإن الله يعرف أيضًا هذا الزمن الذي نحيا فيه... نعم... الله يعرف و يرى... يعرف صعوبة الأيام.... اسمع معي هذه الكلمات المشجعة التي يعطيها الله لأولاده... لك و لي.... يقول الرب عني و عنك...
"لا يخزون في زمن السوء, و في أيام الجوع يشبعون" مز 37: 19...
هليلويا للرب يسوع المسيح... يعدنا بأن لا نخزى في أيام السوء....
هليلويا لفادينا مخلصنا الرب يسوع... يشبعنا في أيام الجوع....
هل يصنع الرب هذا ؟؟ هل يستطيع الرب أن يشبعني في وقت الجوع هل يرفع رأسي و لا يخجلني في زمن السوء؟؟
نعم... نعم الرب يستطيع أن يفعل هذا و يريد أن يفعل هذا... يريد أن يسدد احتياجاتك و سيصنع معجزات لو تطلب الأمر معجزات... إن كنت ابن حقيقي للرب سلمت حياتك له و تعيش في خوفه و تحبه بكل القلب، فإن الرب سيصنع معك بحسب أمانته... وسيجعلك أيضًا مثمرًا جدًا.. "جعل شعبه مثمرًا جدًا، و أعزه على أعدائه" مز105: 24 ... فإن الرب "لا يمنع خيرًا عن السالكين بالكمال" مز84: 11... وقد شهد عنه داود بعدما مرت به السنون و قال بالروح القدس:" أيضًا كنت فتى و فد شخت، و لم أر صِديقًا تخلي عنه، ولا ذرية له تلتمس خبزًا" مز 37: 25  هليلويا للرب... كم أحبك أيها الرب فأنت معي... وسط أحداث حياتي أنت معي... لم تكتف بأن تخلصني... و تتركني بعد هذا فريسة للظروف و للأيام السيئة!! و لكنك معي اليوم كما كنت معي بالأمس... أستطيع أن أثق بك لأنك أيضًا معي غدًا... أنت هو أمس و اليوم و إلى الأبد... تحملني بيدك... كم أحبك سيدي..

     والآن صديقي... نعود إلى قصتنا... ماذا حدث في السامرة ؟
أعلن أليشع كلام الرب الذي يعلن أن الفرج آت.... وها الذين سمعوا هذا الكلام يتساءلون هل هذا الكلام حقيقي؟؟ هل يستيقظون غدًا فيجدوا الأزمة و قد مضت ؟! كيف هذا ؟! يتساءلون ويتساءلون، وربما تذكر بعضهم بعض القصص التي سمعها عن إله أبائه، إله ابراهيم و اسحق ويعقوب، وكيف أنه الإله الصانع العجائب.. كيف أنه شق البحر الأحمر وكيف أطعم آباءهم المن في الصحراء وكيف أتى بالماء من الصخرة... كيف و كيف و كيف؟
ولكن صديقي لنترك الذكريات ههنا، وننطلق لنرى ما يحدث في معسكر جيش الآراميين، الذين يحاصرون اسرائيل و يتسببون في المجاعة....لننطلق لنرى رب الجنود الإله الحي و هو يتدخل ليأتي بأزمنة الفرج إلى شعبه...
هناك... وسط معسكر الجيش الآرامي... كان الرب يرسل ملائكته ليرعب الآراميين....نعم كانت ومازالت يد الرب تتحرك بعجائب... فجأة وسط السكون عند وقت العشاء، سمع الآراميين صوت خيل و مركبات... سمع الآراميين صوت جيش عظيم (2مل7: 6) وظنوا أن اسرائيل تحالف مع المصريين والحثيين و قد أتوا بالثلاث جيوش ليقضوا علي آرام...! ياللعجب !! في الواقع لم يكن هناك أي جيوش !!! ولكن سقط على الآراميين رعب رب الجنود... أرسل الرب و أرعب آرام وأسمعهم تلك الأصوات.... فارتعب الآراميين و هربوا هروبًا سريعًا جدًا... لدرجة أنهم تركوا وراءهم كل شيء يخصهم.... الأمتعة و الأكل و الفضة و الذهب و الثياب... بل لقد تركوا خيلهم وحميرهم أيضًا، مع أنه كان من الطبيعي أن يستخدموا الخيل في الهرب, و لكن واضح أنه من كثرة رعبهم تشوشت أذهانهم و فقدوا القدرة على التفكبر السليم... و فروا هاربين مذعورين...
و بعد قليل كان هناك أربعة رجال اسرائيليين ولكنهم بُرص معزولين خارج مدينة السامرة، بلغ الجوع مبلغه منهم...فقرروا أن يدخلوا معسكر الآراميين بحثًا عن الطعام... وقالوا " هلم نسقط إلى محلة الآراميين، فإن استحيونا حيينا، و إن قتلونا متنا" و قاموا و دخلوا.... فإذا بمعسكر الآراميين ليس فيه آرامي واحد!!! فالكل قد هرب....وقع رعب رب الجنود عليهم... هليلويا..هليلويا للرب...أكل الأربعة رجال و شبعوا... وذهبوا أخبروا السامرة التي خرج الاسرائيليين منها وذهبوا ونهبوا محلة الآراميين و يقول لنا الكتاب " فكانت كيلة الدقيق بشاقل، و كيلتا الشعير بشاقل حسب كلام الرب" ( 2مل7: 16)

     نعم صديقي... لقد صنع الرب معجزة لأجل شعبه... أرعب الأعداء.... وسط المجاعة صنع عجبًا...
وهو يستطيع أن يصنع معك أنت أيضًا معجزة... هل تؤمن أن الرب يستطيع أن يسدد احتياجاتك وسط هذه الأيام الصعبة والظروف التي يشتكي منها الجميع ؟.... هل تؤمن بحب الرب الذي يكفي ليعتني بك تمامًا ؟...
هل تؤمن أن الرب يرتب الأحداث والعلاقات والأوقات ليسدد جميع احتياجاتك، و إذا حاول إبليس أن يعوق هذا، سيعطيك الرب أن تنتصر عليه وسيُضرب العدو بالتشويش ويهرب أمامك... وسيتحول هجومه إلى ازدياد خيرك و ثبات عمل الرب في حياتك..!
     صديقي... نحتاج الإيمان... فالإيمان هو المفتاح الذي يأتي ببركات الرب لحياتك وبدون إيمان لا يمكن إرضاء الله... هل تذكر جندي الملك الذي تهكم من أليشع عندما تنبأ بالفرج... هذا الجندي لم يكن عنده إيمان... على الرغم من أنه سمع الكلمات من فم أليشع نفسه... هل تعرف ما حدث له في نهاية قصتنا ؟! لقد سقط وسط اندفاع الشعب الخارج من السامرة متجهًا لمحلة الآراميين... ويا للأسف لقد داس عليه الشعب ومات....نعم مات في الوقت الذي ذهب فيه الشعب ليتمتع بالمعجزة. لقد نجا هذا الرجل من المجاعة و لكنه مات لعدم الإيمان....
  صديقي.... لا تفقد بركات الله لك في زمن السوء... ثق في الرب و سبحه... وكن أمينًا في عشورك و تقدماتك للرب حتى رغم الاحتياج "هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام، وجربوني بهذا، قال رب الجنود، إن كنت لا أفتح لكم كوى السموات، وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع.و انتهر من أجلكم الآكل فلا يفسد لكم ثمر الأرض" (مل3: 10, 11)... أيضًا تكلم بكلمات البركة " الموت و الحياة في يد اللسان" (أم18: 21).. وارفض أفكار الخوف وانتهرها...  ثق أن الرب سيأمر بالبركة في خزائنك و في كل ما تمتد إليه يدك (تث28: 8) وتذكر قول الرب:
 "لا يخزون في زمن السوء, و في أيام الجوع يشبعون" مز 37: 19...

سيدي الرب... أحبك
أتبعك رغم صعوبة الأيام...رغم زمن السوء....
أنت تعلم ضعفي أيها الرب...
تعلم أني مرات أجد الإيمان بداخلي... و مرات أبحث عنه فلا أجده...
أشكرك مخلصي... لأنك رئيس الإيمان و مكمله (عب12: 2)
تستطيع أن تكمل ضعف إيماني
تملأني بالروح.. فأجد الإيمان قويًا بداخلي
أتشجع و أشجع آخرين...
أنطلق كالنسر لا يأسرني خوف
أثق فيك...أتكل عليك..أسكن الأرض و أرع الأمانة (مز37: 3)
فخلاصي من عندك... و أنت حصني في زمان الضيق (مز37: 39)
ساعدني لأحيا أمينًا لك كل أيام حياتي...
أحبك يا رب يا قوتي (مز18: 1)

ثروت ماهر
فبراير 2008  


مذكرات إناء خزفي...


مذكرات إناء خزفي

      ... نظر الإناء الخزفي بفرح إلى عصير الكرمة النقي وهو يُصَبْ بداخله...
 أنعشه تلامس أعماقه مع هذه العصارة النقية... سمع أصوات المحيطين به يعظمون دم الحمل العظيم المعروف سابقًا قبل تأسيس العالم...
رجع الإناء بذاكرته إلى أيام سابقة ...
متفكرًا وهامسًا لنفسه بذكرياته في هدوء ....

الإناء في يوم تشكيل:
      أتذكر ما مضى من حياتي ... كنت ولازلت وسوف أكون إناء ... هذا هو وصف الخزاف العظيم لي... وهناك آنية للكرامة وأخرى للهوان.... كنت في كل مرةٍ يحاول الفخاري أن يضعني على الدولاب تتفاوت ردود أفعالي. (الدولاب هو تلك الماكينة التي تدور ومعها الإناء، وأثناء دورانه يشكله الفخاري بأصبعه)
تارة كنت أنزلق من بين يديه بمجرد أن يلمسني... وتارة كنت أخضع وأركب البكرة الدوارة وأدور بسعادة على دولاب الفخاري، ولكن... ما أن يبدأ في تشكيلي حتى أقفز من على الدولاب... لأطرح نفسي أرضًا وأشوه انسيابيتي التي كنت قد أكتسبتها من دوران البكرة الدولابية....
تارة أخرى كنت أظل على الدولاب أدور خاضعًا ومتحملاً أولى ضغطات أصابع الفخاري... وقد أتحمل الثانية... والثالثة أيضًا... لكني فجأة أتضجر وأجدني قررت القفز، وفعلاً أقفز وأدمر مرة أخرى ما فعلته بي يد صانعي...
ويا للعجب !!! في كل مرة كنت أقرر القفز... ما كان الفخاري يجبرني أو يعنفني...كان يصلني منه شعور عميق بالحب... كان ينصحني و يرشدني... لكنه كان يحترم حريتي... يا لعجبي للمرة الأولى أجد فخاري يحترم إرادة الطين الذي يشكله بيديه!! وللمرة الأولى أجد فخاري يحب الطين الذي يشكله بيديه!! فها هو كل مرة يعود ليشكلني من جديد بكل صبر... وبكل حب... صوته يقول:"أحببتك... دعوتك باسمك... أنت لي"
 وذات مرة.... التقطتني يد الفخاري، ووضعتني على الدولاب.... التفت لأقفز، وفي التفاتتي فاجئتني مرآة....
مرآة وضعها الفخاري على جانب الدولاب.... يا للمفاجأة!!! أرى ذاتي للمرة الأولى... ما هذا ؟! ما أنا؟! تراب... أأنا تراب؟! وما هذا أيضًا؟! إن اليدان المجروحتان تشكلانني !! مجروحتان لأجلي ... لأجل قساوة هذا الطين... لتصنع منه إناء للكرامة... آه أيها الرب !! كم أنا عزيز في عينيك!! شعرت بكم يحبني الرب وأدركت كم هو غالٍ عمل السيد فيَّ ..... خضعت... الحب أخضعني .... آه يا رب ما أروع ضغطاتك! ما أروع همساتك! ما أروع عمل روحك فيَّ! ليس مثلك... هبني ألا أقفز من بين يديك مرة أخرى.....

الإناء في يوم مرض:
     قفزات بالإيمان ... اكتشفت مؤخرًا أني من اليوم الأول الذي بدأ الخزاف العظيم يشكلني فيه، وأنا مدعو أن أقفز في حياتي... ليس من فوق دولاب التشكيل، ولكني مدعو لكي أقفز قفزات بالإيمان...
الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله... كلمة الله تقول... وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا...تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا... وتقول أن كل من لمسوه نالوا الشفاء... يسوع يجول يصنع خيرًا ويشفي المتسلط عليهم إبليس... يشفي الأمراض الروحية و الجسدية.... أنا مدعو أن أقفز بالإيمان فوق مرضي... أيهما أصدق؟؟ مرضي أم يسوع؟؟ إن كان المرض قد سبق و انتصر على يسوع قبلاً، فلنصدقه!! لكن الحقيقة الأكيدة أنه في كل مرة وقف يسوع أمام المرض، فإن يسوع قد انتصر علي المرض انتصارًا ساحقًا... انتصر يسوع على العمي و على الصمم.... على البرص وعلى الخرس... انتصر يسوع على أمراض العظام... قوّم الانحناء و شفى المشلول والمفلوج...شفى يسوع المجنون... أعاد الأذن المقطوعة لعبد رئيس الكهنة ضاربًا مثالاً رائعًا على قدرته على شفاء عاهات الحوادث.... يسوع يشفي... هذه حقيقة... وليس هذا فقط بل أن يسوع يقيم من الأموات... ابن أرملة نايين... إبنة يايرس... لعازر ... يسوع هو الحياة يستطيع أن يشفي إناء صغير مثلي عندما يمرض... فيهتف الإناء مهللاً... أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية.... هو أخذ ما لي... وأعطاني ما له... هليلويا...

الإناء في يوم ضيق:
     إدعني في يوم الضيق... أنقذك... فتمجدني...
عند اختناق الأمور... في وسط الاختناق...وسط الضيق... أستطيع أن أميز تلك اللمسة القوية الحانية... قبلاً كنت أجد هذه اللمسة أحيانًا و أحيانًا أخرى لا أجدها... بعد الامتلاء بالروح القدس، روح الفخاري العظيم، اللمسة دائمًا تأتي، لا بل قل أن الروح دائمًا ما يصلني بها.... الأمور تختنق، ولكني لا أختنق...! الأمور تضيق، لكني لا أضيق...! كإناء خزفي، لا أحب أن أشهد عن صانعي في أشياء لم يصنعها، ولا أحب أن أشهد في أشياء صنع هو جزء منها والجزء الآخر صنعته أنا من خيالي الطيني..! لكني أحب أن أشهد عندما يخترقني... عندما تكون كل ميولي وخططي نحو اليأس.. وفجأة!! وبدون أي توقع أجده يأتي ويدخل و الأبواب مغلَّقة...! يأتي بقوته فيجذبني ... يحول كل أفكاري الترابية نحو الحق... نحو أفكاره الإلهية... لا تخف لأني فديتك... دعوتك باسمك... أنت لي... إنها كلمات المسيح التي لا تقبل الجدل..!!
سيدي.... أثق أنك تعمل بقوة في داخلي...
أثق أنك قائد لمشوار حياتي....
يدك تشكلني ... تضغطني... أبكي... ترفرف حولي...
تسيل دموعي حبًا.... ما أعظمك.... أشهد عنك حلو لي...
أقف مدهوشًا أمام حكمتك.... أمام تعاملاتك المحسوبة بالثانية... باللحظة....
إن توانت... انتظرها... تأتي إتيانًا ولا تتأخر...
قد تتأخر عن الموعد الذي وضعته بأفكاري الخزفية...
لكنها لا تتأخر عن الموعد الصحيح... موعدك أنت...
لما كان ملء الزمان... أرسل الله خلاصًا... يسوعًا....
في ملء كل زمان من أزمنة حياتي.... ترسل خلاصًا... يسوع الأزلي الأبدي....
الكائن والذي كان والذي يأتي... يسوع لي... رسالة خلاص كل يوم....
من مذكرات إناء خزفي....

ثروت ماهر
شتاء 2002
 
لقراءة الجزء الثاني من هذا المقال:

لا تخف.. آمن فقط..!!


     لا تخف!! آمن فقط... (لو8: 50)
كلمات قالها الرب يسوع ليايرس، رئيس المجمع  (لو8: 41) الذي كانت ابنته على وشك الموت، وجاء طالبًا من الرب أن يذهب معه، ليشفي له ابنته.
أتى يايرس إلى الرب وطلب منه أن يذهب معه إلى بيته لكي يضع يده على الفتاة الصغيرة حتى تُشفَى (مر5: 23)... وبينما الرب يسوع ذاهبًا مع يايرس إلى بيته، كانت الجموع مُلتفة حول الرب، وكانوا يزحمونه (مر5: 24).. وإذ فجأة.. توقف الرب ليسأل: "مَن لمس ثيابي؟" وتعطل ذهاب الرب مع يايرس إلى حين.. حيث جاءت امرأة وبدأت تحكي المعجزة التي حدثت معها عندما لمست ثياب الرب، وكيف وقف نزيف دمها الذي استمر اثنتي عشرة سنة!!

     وبينما الرب يسوع واقفًا يتكلم مع المرأة... ويايرس بالتأكيد متعجلاً جدًا، يرجو أن ينتهي هذا الحديث في أسرع وقت ممكن، كي يتابع الرب سيره معه ليشفي ابنته... أتت الأخبار أن الفتاة الصغيرة، هذه الابنة، إبنة يايرس قد ماتت!! نعم ماتت!! بالنسبة لأهلها انتهى الأمر تمامًا.. أرسلوا إلى يايرس ليخبروه: "قد ماتت ابنتك.. لا تتعب المعلم!!" (لو8: 49)

    عزيزي القاريء... هل تتخيل الاحباط واليأس والخوف الذي انتاب يايرس في تلك اللحظة..؟!
لقد ماتت ابنته الصغيرة.. تساؤلات عديدة كان من الممكن أن تقفز إلى ذهنه.. مخاوف عديدة تحفزت لمهاجمة يايرس وتضييق الحصار عليه...
هل انتهى الأمر؟!.. هل لن أرى ابنتي تتحرك أمامي مرة أخرى؟! هل لن اسمع صوتها يغرد في البيت مرة أخرى؟! هل ابنتي ماتت حقًا ؟! لماذا لم يأت معي المعلم متعجلاً؟! لماذا وقف ليتكلم مع تلك المرأة؟؟ هي شُفيت، وابنتي قد ماتت!! تساؤلات.. وتساؤلات ممتلئةً بالمرارة والخوف من المُحتَمَل أن تكون قد قفزت أمام يايرس في هذه اللحظة!!!...
ولكن يا لحنان الرب الذي أشفق على يايرس من كل هذه التساؤلات.. سمع يسوع الخبر، أنّ الفتاة قد ماتت! التفت الرب إلى يايرس في نفس اللحظة، ليقول له: "لا تخف"... يايرس لا تخف!! نعم.. لا تخف!! أنا معك!! آمن فقط!!

     عزيزي القاريء... نفس هذه الكلمات يوجهها لك اليوم الرب يسوع بنفسه.. لا تخف!! قد تكون في وقت ألم شديد.. ضيق واحباط!! قد تكون الأخبار السيئة أحاطت بك من كل جانب!! يوجد رجاء.. مادام يسوع حي، بالتأكيد يوجد رجاء!! حتى لو ماتت ابنة يايرس، يوجد رجاء!! كيف هذا؟؟ وهل ممكن للموت أن يتغير؟! هل بالفعل يوجد رجاء؟! نعم يوجد رجاء لأن يسوع رئيس الحياة (أع3: 15) هو معنا.. أراد يايرس أن يأتي الرب معه لكي يضع يده على ابنته فتُشفَى... كان يايرس عنده معرفة بالرب الشافي... بالتأكيد سمع يايرس عن معجزات الشفاء التي يجريها الرب في كل مكان... وبالتأكيد تمنى أن الرب يجري معجزة مع ابنته... وقد كانت المعجزة على وشك الحدوث!! لولا أن المعلم تَعطَل.. والآن لقد مر الوقت.. مر الزمان الذي كانت المعجزة من الممكن أن تتم فيه!! لقد ماتت الابنة!! هذه هي الأفكار الطبيعية التي يمكن أن يفكر فيها أي انسان موجود في هذا المشهد...
ولكن... هليلويا... هليلويا... يسوع هنا.. يسوع في المشهد!! ملك الملوك ورب الأرباب في هذا المشهد.. وهو عزيزي في جميع مشاهد حياتك، إن كنت ابنًا حقيقيًا له.. يسوع في المشهد.. وماذا يعني هذا؟!! يعني أن الموت سيتحول إلى حياة.. يعني أن اليأس والاحباط سيتحول إلى قوة وفرح وانتصار بالروح القدس...

     يسوع ليس فقط الشافي... إنه المحيي.. إنه رب الحياة.. إنه الحياة... ما الذي مات صديقي في حياتك؟؟ ما الذي تتذكره فتشعر أنك منسحقًا وتتمنى لو انتهت أيامك؟!!
صديقي... هل ماتت أحلامك؟!! هل مات رجاؤك في أن تحيا حياة بحسب قلب الرب؟! هل اتخذت قرارات كبيرة خاطئة في حياتك، وتشعر أنه لا أمل في التصحيح؟؟...
صديقي.. يسوع حي... وهو قال: "أنا حي فأنتم ستحيون" (يو14: 19) حياتنا مرتبطة بحياته... والرب حي إلى أبد الآبدين (رؤ1: 18)... يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة..(إش40: 29)

     بالتأكيد، عندما أتى ليايرس خبر موت ابنته.. فقد كل أمل في شفائها.. فالأموات لا يُشفون!! ولكن صديقي عندي لك اليوم خبرًا سارًا جدًا... نعم الأموات لا يُشفون.. ولكنهم يقومون من الموت عندما يأمر يسوع أن يقوموا..!! ذهب الرب مع يايرس، ودخل إلى غرفة ابنته... وقف أمام الجسد الراقد على السرير... أمسك بيد الصبية الميتة... نادى قائلاُ يا صبية قومي!!! وقف القيامة والحياة، ليعطي القيامة.. ليعيد الحياة.. ليعيد الأمل والفرحة...  فرجعت روحها وقامت في الحال!!! هليلويا... يا لذهول يايرس ويا لفرحته!! الرب لم يتأخر كما تخيل يايرس!! الرب ذهب في الميعاد المضبوط، لكي يتم معجزة إقامة ابنة يايرس.. نعم "معجزة إقامة ابنة يايرس"... هل تستطيع عزيزي أن تتخيلها "معجزة شفاء ابنة يايرس"؟!.... إنها معجزة قيامة... دائمًا معجزات القيامة تشجعنا جدًا، وتتحدى إيماننا بأن الوقت لم يتأخر... يسوع لم يتأخر...في الحقيقة، هذه المعجزة من أحب معجزات الرب إلى قلبي، أحبها جدًا  "معجزة اقامة ابنة يايرس"!! ولا أستطيع أن أتخيلها إلا كمعجزة قيامة... معجزة تتحدى إيماني... وأدعوك صديقي أن تجعلها تتحدى إيمانك أيضًا.... هل تتخيل أن الرب قد تأخر عن مواعيده في حياتك؟!! اسمع معي صوت الرب لك ولي... "لا تخف... آمن فقط..."

عزيزي... إلهنا فوق الزمن.. هو خالق الزمن.. لا يتأخر.. يأتي في موعده دائمًا.. في الموعد الذي يراه بحكمته.. يغير الأوقات والأزمنة.. عند المساء يبيت البكاء.. وفي الصباح ترنم (مز30: 5).. كيف هذا؟!! ما الذي يحول البكاء إلى ترنم.. إنه حضوره الذي يملأ حياتي وحياتك برجاء جديد حتى في أصعب الأوقات... إنه "شمس البر والشفاء في أجنحتها.." (مل4: 2)...

سيدي.. اسمع صوتك هامسًا في أذني...
لا تخف.. آمن فقط... (لو8: 50)
أعظمك.. لأنك معي...
حسب وعدك العظيم... "معه أنا في الضيق..أنقذه وأمجده" (مز91: 15)
أعظمك لأنك معي...
أيضًأ إن سرت في وادي ظل الموت.. لا أخاف شرًا..
لأنك أنت معي... (مز23: 4)
مَن مثل الرب إلهي!!.. (مز113: 5)
ومَن مثلي... منصور بالرب.. ترس عوني وسيف عظمتي.. (تث33: 29)
لن أخاف لأنك معي..
تقول لي.. "لاأهملك ولا أتركك" (عب13: 5)
أثق بك يا سيدي.. وحتى وإن ماتت إبنة يايرس..
أثق بك.. أنك أنت الحياة...
مَن آمن بك ولو مات فسيحيا.. (يو12: 25)
أنت الحياةُ لي.. أنت القيامة...
أنت لي... فلا أخاف... (مز118: 6)
آمين....

ثروت ماهر
2009

قد أكمل... تيتيليستاي...




قد أكمل... تيتيليستاي
... فلما أخذ يسوع الخل قال: "قد أكمل" ونكس رأسه وأسلم الروح.... (يو١٩׃٣٠)
"قد أكمل"... يا لها من عبارة عظيمة، نطق بها الرب على الصليب...
في اليونانية، اللغة التي كُتب بها العهد الجديد، هي كلمة واحدة  (Τετελεσται)، وتنطق بالعربية "تيتيليستاي"....

كلمة واحدة صرخ بها الرب يسوع في آخر لحظاته على الصليب... كلمة واحدة تعلن لي ولك عزيزي القاريء، مجد غنى النعمة.. تعلن كم أحبني الرب وأحبك، إلى المنتهى.. صنع لنا الكل، رد لنا الكل.. كلمة واحدة تعلن للعالم كله، أن إلهنا العظيم، مخلصنا الرب يسوع المسيح، دفع الثمن بالكامل لأجلي ولأجلك عزيزي...

"قد أكمل".. كلمة تحمل، في الأصل، معاني كثيرة... فهي الكلمة التي تُطلق لتعلن عن تسديد الديون بالكامل.. وهي الكلمة التي تُطلق لتعلن عن انتهاء زمن الحبس والعبودية... هي الكلمة التي تعلن أن العمل قد كَمُل.. تمّ إنجازه.. تُمِم.. نُفِذ.. الكلمة التي تعلن اتمام القصد والغاية والهدف النهائي...

هي الكلمة التي أطلقها يسوع بكل قوة ليعلن عن تسديده لديوني وديونك...
قبل هذه الكلمة كنا عبيدًا للخطية.. لكن "قد أكمل"..!! وكل مَن يقبل أنه "قد أكمل".. أنّ يسوع قد أكمل الفداء.. قد أكمل العمل بالتمام.. كل مَن يؤمن تنكسر شوكة الخطية في حياته.. لا يعد للخطية ولا للموت سلطان عليه.. كل مَن يؤمن لن يعود يُستعبد بعد للخطية.. لن يكون شوقه فيما بعد للخطية.. لكن شوقه سيكون للبر وللحياة الأبدية (رو٦).

عزيزي القاريء... إن هذه الكلمة المكونة من حروف قليلة... تزن لحياتي ولحياتك ثقل عظيم.. ثقل مجد نستطيع أن نعيشه الآن... تحمل لحياتي ولحياتك وعود وإعلانات عظيمة ومتنوعة... وعود حرية.. وعود شفاء، شفاء نفسي وجسدي... وعود تسديد احتياجات... وعود قداسة وبر واستخدام وثمر وفير...


آدم الأول وآدم الأخير:
منذ آلاف السنين، في جنة عدن... فقد آدم علاقته مع الرب بسبب الخطية... فقد سلطانه... صار عرضة للمرض وللفقر وللاحتياج النفسي والجسدي بسبب الخطية... فقد الحياة الحقيقية... فصلته الخطية عن حضور الرب.. شوهت طبيعته.. وأضاعت منه جنته، المكان الذي صنعه الرب لأجله... صار إبليس سيد.. استسلم آدم الأول للحية، فسلبت منه سلطانه.. ويا للعدو من سيدٍ قاسٍ.. يكره الإنسان جدًا... يريد أن يُبقي آدم عبدًا للأبد... لكن يا لمجد غنى النعمة..!! دوى إعلان عظيم جدًا في جنة عدن... نسل المرأة يسحق رأس الحية... هليلويا... آدم الأخير.. يسوعنا العظيم... يسحق رأس الحية.. يدمر العدو مع خططه وأفكاره.. وتمر السنون... مئات وآلاف السنين.. يأتي يسوع.. الله الظاهر في الجسد.. الكلمة الذي صار جسدًا.. آدم الأخير... يأتي ليعلن أن ابن آدم له حياة أبدية من جديد!!.. أتى يسوع ليعلن أني وأنك عزيزي القاريء أحرار... أتي ليعلن أن كل من يؤمن به له حياة أبدية، وليس للموت سلطان عليه..

أتى يسوع عاش على أرضنا... شفى المرضى... أقام الموتى.. أخرج الأرواح الشريرة بكلمة... أشبع الجياع.. سدد الاحتياجات العميقة... هليلويا.. يا لمجد غنى النعمة، أعطى الرب عربون حياة المجد وهو هنا على الأرض، في أيام جسده... قال لنا بحياته هذه هي مشيئتي... الحرية.. الشفاء.. تسديد الاحتياجات.. هذه هي مشيئي أن أنقض أعمال إبليس.. أن أدمر كل ما فعله العدو بآدم الأول.. أن أرد المسلوب.. أن أعيد الجنة.. أن أشفي المرضى وأحرر المقيدين...

ولكن عزيزي، هل فعل يسوع هذا في أيام جسده فقط، وهو يجول يصنع خيرًا ويشفي المتسلط عليهم إبليس (أع١٠׃٣٨)..؟؟ كلا وكلا... لقد ذهب يسوع إلى الصليب... إلى الجلجثة.. هناك حيث المعركة الفاصلة... المعركة النهائية التي دكّ فيها إبليس... التي سحق فيها رأس الحية... ليعلن أنه لا موت أبدي... لا أمراض... لا قيود... لا احتياجات روحية أو نفسية أو مادية... لا لعنات من الماضي... ولا قوى سحر أو عرافة تسيطر على مَن يحتمي بالدم الثمين... أعلن يسوع في الصليب أنه "قد أكمل"... ليس للعدو سلطان فيما بعد على مَن يؤمن... ليس للمرض سلطان على كل من يأتي محتميًا في الرب...

أيقونة نزول المسيح إلى الجحيم
مات يسوع على الصليب.. صرخ "قد أكمل"... لقد أكملت العمل لأجل أحبائي.. وأسلم الروح... يا له من حب عظيم.. وعجيب..!! مات يسوع ليعلن أنه باد بالموت، ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس (عب٢׃١٤).. يا لنصرة الصليب..!! يا لعظمة انتصار الصليب.!! سُحق العدو.. أشهر به جهارًا (كو٢׃١٥).. وإذ مات الرب ووُضع جسده في القبر، نزل بنفسه المتحدة بلاهوته، إلى أقسام الأرض السفلى.. "لذلك يقول: إذ صعد إلى العلاء سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا. وأما أنه صعد، فما هو إلا أنه نزل أيضًا أولاً إلى أقسام الأرض السفلى." (أف٤׃٨ ،٩).. نزل الرب ليضيء على الجالسين في الظلمة وفي ظلال الموت.. نزل ليحرر مؤمني العهد القديم، الذين سباهم العدو في الهاوية، بسبب سيادة الموت.. حررهم.. سحق أبواب النحاس.. كسر متاريس الحديد.. أطلقهم من الحبس، من بيت السجن (إش٤٢׃٧).. إلى الفردوس السماوي.. إلى السماء الثالثة.. ليعلن أنه ليس للموت ولا لنتائجه سلطان على مَن يحتمي بالدم الثمين.. ها آدم الأول يسترد ما ضاع منه، يسترد الفردوس في أدم الأخير.. في يسوع.. ها خطط العدو تفشل فشلاً ذريعًا... بعد آلاف السنين.. ها نسل المرأة يسحق رأس الحية.. هليلويا... أنهى الرب بموته وقيامته كل سلطان لقوى الظلمة... أبطل الموت وأنار الحياة والخلود (٢تي١׃١٠)...

والآن عزيزي... رغم أن صرخة الرب "قد أكمل" مازال رنينها يدوي، ويهز مملكة الظلمة... رغم أن "قد أكمل" تعلن بكل وضوح أنه قد تم الفداء... تمت المبادلة... مات الرب ليعطني الحياة... أخذ أمراضي ليعطني الشفاء... أخذ قيودي ليعطني الحرية... أخذ لعناتي، وصار هو لعنة (غل٣׃١٣)، ليطلقني في بر الله.. كلا بل ليجعلني أنا بر الله فيه (٢كو٥׃٢١)... رغم كل هذا صديقي، إلا أن العدو مازال مستمرًا في محاولاته ليزيف الإنجيل..!! مازال العدو يحاول أن يجعل موت الرب وقيامته مجرد ذكرى خالية من القوة..!! كم من نفوس اليوم تُعَيد لقيامة الرب، وهي مازالت في هزيمتها وانكسارها أمام إبليس..!! كم من نفوس لا تدرك حتى الآن أن ما فعله الرب على الصليب ليس مجرد قصة وذكرى... لكنه حياة ومجد.. قوة قيامة فائضة بالبر والحرية.. بالشفاء وتسديد الاحتياجات على مَن يؤمن ولكل مَن يؤمن!!

نعم صديقي.. صرخة الرب على الصليب من ألفي عام، يمكن أن تعمل اليوم في حياتك بقوة غير عادية.. أعظم بكثير مما تتخيله..!! صرخة الرب هي صرخة حية تعلن أنه ليس عليك أن تعاني من الشوك والحسك واللعنة في حياتك.. صرخة الرب تعلن أن البر والقداسة لك، أن الحرية والشفاء لك، أن الحياة الفائضة بالخير والبركة والاستخدام هي لك... صديقي.. "قد أكمل".. صرخة فتحت أبواب كثيرة للبركة على حياتي وحياتك.. في الجزء الباقي من هذا المقال سأضع أمامك ثلاثة أبواب فقط من وسط أبواب البركة الكثيرة التي فتحها لنا الرب بصرخته العظيمة التي تعلن اتمامه للعمل..

أولاً: "قد أكمل".. صرخة تعلن أن الأموات فُتح أمامهم باب القيامة:
يقول الرسول بولس بالروح القدس في الرسالة إلى أفسس: "وأَنتم إِذ كنتم أَمواتا بالذنوب والخطايا... ونحن أَموات بالخطايا أَحيانا مع المسيح، بالنعمة أَنتم مخلصون، وأَقامنا معه، وأَجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع." (أف٢׃١، ٥، ٦)
هليلويا.. يا لعظمة هذه الكلمات!! تعلن هذه الكلمات، عزيزي، أن الرب عندما قام من الأموات، أقامنا معه..!! نعم عزيزي، عندما مات الرب متنا فيه، وعندما قام قمنا فيه... فتح الرب باب القيامة من الموت الروحي.. فتح باب الولادة من فوق.. فتح باب الحياة من جديد في حضرة الآب... الباب الذي أغلِق أمام آدم الأول، فتحه آدم الأخير.. صرخ الرب "قد أكمل" ليعلن أن باب القيامة قد فُتح... عهد الموت الأبدي قد انتهى لكل مَن يؤمن أن الرب أكمل العمل...

يخبرنا الكتاب في إنجيل متى، أنه عندما صرخ الرب بصوت عظيم... الأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت.. وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين..!! ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين..!! نعم، صديقي.. فعلى الرغم أن آخر عدو يبطل هو الموت (١كو١٥׃٢٦) وعلى الرغم من أننا ننتظر فداء أجسادنا في مجيء الرب الثاني (رو٨׃׃٢٣)... إلا أنه في لمحة نبوية بديعة، ذكر لنا القديس متى هذه المعجزة التي حدثت، كمعجزة قيامة جماعية (مت٢٧׃٥١- ٥٣)، ليُفهمنا بالروح القدس.. أن العمل الذي أكمله الرب على الصليب، فتح الباب للقيامة من الموت الروحي، وأيضًا فتح الباب لقيامة الأجساد من الموت الجسدي... نستطيع، الآن، أن نعلن بكل ثقة أنه قد أقامنا معه.. قد أحيانا من موتنا الأبدي بقوته.. ونستطيع أن نعلن،أيضًا، بكل ثقة أننا ننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي.. بل ونستطيع أيضُا بكل إيمان أن نتوقع معجزات قيامة من بين الأموات، تحدث في وسطنا كعربون يؤكد أن الرب داس الموت غالبًا... أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟؟...

عزيزي، والآن.. هل انتهى عهد موتك؟!! هل انتهى عهد انفصالك عن الله؟! كما ترى، الرب صنع كل شيء لأجلك.. أكمل الكل.. الباب مفتوح لقيامتك.. هيا.. هيا وأنت تقرأ الآن، لا تؤجل..!! ارفع عينيك وقلبك إلى الآب السماوي.. قل له.. نعم أبي.. أرفض الموت.. أفتح قلبي، لأستقبل قوة قيامتك.. لتتدفق بداخلي أنهار حياتك.. لينتهي عهد موتي الروحي.. وليبدأ عهد قيامتي.. ولا يعود الموت يخيفني.. لأنك تملأني بالثقة أنك أنت.. يــســـوع قيـــامتي...


ثانيًا: "قد أكمل".. صرخة تعلن أن المرضى فُتح أمامهم باب الشفاء:
يكتب القديس متى بالروح القدس: "وجميع المرضى شفاهم.. لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل: هو أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا" (مت٨׃١٦، ١٧).. ويكتب الرسول بطرس أيضًا: "الذي بجلدته قد تم لنا الشفاء" (١بط٢׃٢٤)... صديقي صرخة الرب "قد أكمل" تعلن بوضوح أنه لم يعد للمرض سلطان علىّ وعليك... حمل الرب أمراضنا وأسقامنا وهو على الصليب.. الجزء الذي اقتبسه القديس متى في إنجيله، هو جزء نبوي مشهور جدًا من سفر إشعياء (إش٥٣).. تكلم فيه إشعياء بروح النبوة عن الرب المصلوب لأجلي ولأجلك... يقول إشعياء أيضُا في هذا الجزء أن الرب مجروح لأجل معاصينا.. مسحوق لأجل آثامنا (إش٥٣׃٥)..

عزيزي القاريء، هل أضاء لك هذا الحق؟!! هذا الحق الذي يعلن أن الرب كما حمل آثامنا ليقيمنا من موتنا الروحي، أيضًا بنفس الكيفية، حمل أمراضنا ليطلق لنا شفاء من أمراضنا.. نعم صديقي.. هذه هي الحقيقة المعلنة في كلمة الله.. صرخ يسوع "قد أكمل" ليعلن شفاء من كل أمراض... صديقي، إن آمنت أن الرب أكمل العمل لأجلك.. آمن أيضًا أنه يوجد شفاء لأمراضك.. صديقي، هيا وأنت تقرأ هذه الكلمات.. ارفع قلبك واطلب شفاءك.. اسمع من الرب وعده العظيم: "مرضًا مما وضعته على المصريين، لا أضع عليك. فإني أنا الرب شافيك.." (خر١٥׃٢٦) تعال معترفًا للرب بخطاياك، فالتساهل مع الخطية بالتأكيد يعيق الشفاء... من فضلك، لا تسمح أن يكون بداخلك أي عدم غفران.. أي اتفاق مع خطية النجاسة.. أي كذب أو رياء.. تعال للرب.. اطلب منه أن يُتَوبَك وينقيك بروحه.. ضع يدك على مكان مرضك وأنت تقرأ هذه الكلمات، واطلب أن ما فعله الرب على الصليب لأجلك يستعلن في شفاءك.. أعلن أن جلداته كانت ولازالت كافية لشفاء جسدك.. قيامته قوة لإحياء جسدك من الأمراض...

صديقي.. قوة شفاء الرب ليست فقط للأمراض الجسدية.. لكنها أيضًا، للأمراض النفسية... إن كنت مريضًا بالاكتئاب.. أو نفسيتك مثقلة بمتاعب وهموم.. قد يكون جسدك مريضًا بسبب نفسيتك المتعبة.. الرب أكمل العمل لأجلك.. تعال بإيمان وأنت تقرأ هذه الكلمات.. اسمع "قد أكمل" ترن لأجلك وستظل تدوي في أذنيك، إلى أن يستعلن شفاءك... أصلي معك عزيزي ضد كل مرض نفسي يحاول أن يفرض سيطرته عليك.. أيضًا صديقي، قوة شفاء الرب تستطيع أن تعمل لشفاء العلاقات.. نعم قد تكون علاقاتك تحتاج إلى شفاء.. اطلب قوة شفاء الرب التي تعيد تشكيل العلاقات من جديد...

ثالثًا: "قد أكمل" صرخة تعلن أن المحتاجين فُتح أمامهم باب تسديد الاحتياجات:
نعم صديقي.. مشيئته لي ولك.. أن نحيا في اكتفاء.. احتياجاتنا مسددة.. ونفيض على الآخرين.. مباركين فيه، وبركة لمن حولنا.. قال الرب لإبراهيم: "أباركك وأجعلك بركة.." (تك١٢׃٢).. ونحن المؤمنين بالرب يسوع، صار لنا بركة إبراهيم (رو٤: ١٦- ٢٥).. يقول لنا سفر التكوين عن إبراهيم: "وأسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة، شيخًا وشبعان أيام..." (تك٢٥׃٨).. نعم صديقي، يريدنا الرب أن نحيا أيامنا في شبع.. صرخ الرب "قد أكمل" ليعلن أن تسديد احتياجاتنا قد أكمل... ليعلن أن آدم الأخير تحمل لأجلنا كل لعنة تجعل الحياة تسير بالكاد.. يعلمنا العهد الجديد أن الله قادر أن يملأ كل احتياجاتنا بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع (في٤׃١٩).. كل احتياجاتنا.. كل.. كل.. المادية والنفسية.. ويوضح الرسول بولس، وهو يتكلم عن الاحتياجات المادية، أن الرب الغني افتقر لكي نستغني نحن بفقره (٢كو٨׃٩).. هليلويا..

صديقي، صرخة الرب تعلن أنه يمكنك أن تحيا في اكتفاء حقيقي... قد تكون مضغوطًا بسبب احتياجاتك المادية.. تعال للرب الآن.. اختبر قوة هذه الكلمات في حياتك.. اطلب استنارة، لتعرف وتفهم قوة ما صنعه الرب لحياتك... لقد افتقر الرب لكي تستغني أنت... لكي يعطيك حياة أفضل وتكون هذه الحياة بغنى ووفرة وفيض (يو١٠׃١٠).. صرخ "قد أكمل".. ليعلن لك أنه ليس عليك أن تحيا معوزًا ومحتاجًا... تعال له الآن.. إن كنت لا تحيا له، فبالتأكيد.. لن تستطيع أن تختبر هذه الحياة.. هذه الحياة هي لمن أعلن قبوله لها.. ويعيش أيامه يتبع الرب بكل قلبه...

صديقي.. قد تكون قد تعرفت على الرب من قبل... لكنك لا تحيا له بأمانة.. قد تكون لازلت محتفظًا بخطايا في دائرة الأموال.. قد تكون غير أمينًا للرب في عشورك وتقدماتك.. وقد تكون غير أمين في دفع الضرائب أو الجمارك والالتزامات المالية المفروضة عليك.. بالطبع صديقي.. لن تختبر الحياة المكتفية، التي يسدد لك فيها الرب احتياجاتك.. وإن كنت الآن تحيا في اكتفاء رغم خطاياك.. احذر..!! لأن هذا لن يدوم.. فالرب وحده هو القادر أن يسدد الاحتياجات ويثبت الحياة المكتفية لك ولأولادك..

عزيزي الفاريء... صرخ الرب "قد أكمل"... ليعلن أن القيامة لنا... الشفاء لنا... تسديد الاحتياجات لنا... فهل تؤمن؟؟!

أصلي أن تضيء أمامك الكلمات... أن يلمع الحق...
أصلي أن تسمع الصرخة الأبدية "قد أكمل"... "تيتيليستاي"..
تسمعها من فم الرب شخصيًا..
تسمع الرب بذاته صارخًا بها لأجلك على صليب الجلجثة...
تسمعها تتحدى موت الخطية...
تتحدى الأمراض الجسدية والنفسية...
تتحدى الظروف الصعبة والاحتياجات....
تظل تسمعها في أذنيك... "قد أكمل"... "تيتيليستاي...
وتتردد في أذنيك، مرة وراء الأخرى..."قد أكمل"... "تيتيليستاي...
"قد أكمل"... "تيتيليستاي...
"قد أكمل"... "تيتيليستاي...
آمـــــــــــــــين....
ثروت ماهر